نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 535
التوحيد، ويناهض الشرك، وذلك أصل الأديان جميعا، فهم- والحالة هذه- حلفاء طبيعيون لهذه الدعوة لو سلمت نفوسهم من الأهواء والغايات، وساعد على ذلك أمر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يتحوّل فى صلاته إلى بيت المقدس تأليفا لقلوبهم، وإعلانا لمسالمتهم، وبيانا بأن هذه الدعوة لن تهدم مجدهم إن اتّبعوها، بل ستزيد فى كتاب تاريخهم الدينى صفحة مجيدة من النور إن آمنوا وأخلصوا.
أنفذ النبى صلى الله عليه وسلم هذه الخطة، وما أحكمها، فسالم اليهود، وعاهدهم على التعاون التام فيما فيه خير البلد المشترك، وألا يخرجهم من المدينة، وألا يناوءوه فيها حتى يظهر أمر الله، ويقضى الله أمرا كان مفعولا.
أيّد الله نبيّه فى غزوة بدر، وأدال للإسلام من خصومه، ففرح بذلك بنو النّضير من يهود المدينة، وقالوا: نبىّ كريم يأتيه الناموس الذى أنزل على موسى؛ أيده الله ونصره على قوم وثنيين مشركين [1].
وجاءت غزوة أحد وكان فيها ما كان من كثرة الشهداء فى صفوف أهل الإسلام، فأثّر ذلك فى نفوس اليهود وقالوا: لو كان نبيّا لأيده الله ونصره، وفاتهم ما كان من هذه الغزوة من الدروس العملية الحازمة؛ التى كان لا بدّ منها لتكوين الأمة الجديدة على أمتن قواعد التكوين، ولكنه الإيمان المتردد الشاك، والعقيدة الزائفة المترجرجة، والنّفعية القائمة التى تحجب عن القلوب أنوار اليقين، وتدع صاحبها متذبذبا بين الدعوات، حائرا بين الهيئات، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. فاللهم أذقنا حلاوة الإيمان، وأسعدنا بكمال اليقين. [1] لا أدرى من أين أتى الإمام البنا بهذا الكلام، وكيف سر يهود بنى النضير بنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بدر، واليهود كلهم ما زادهم نصر الله لرسوله فى بدر إلا حنقا وبغضا له وللإسلام والمسلمين، حتى قالت بنو قينقاع بعد بدر لرسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم، إنا والله لئن حاربتنا لتعلمن أنا نحن النّاس" فأنزل الله عز وجل: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ [آل عمران: 12] حتى يهود بنى النضير الذين ذكر الإمام البنا أنهم فرحوا بنصر الله للمسلمين فى بدر قال زعيمهم كعب بن الأشرف بعد غزوة بدر شعرا يبكى أصحاب القليب من قريش الذين قتلوا فى بدر ذكره ابن هشام فى سيرته، ورد عليه حسان بن ثابت رضي الله عنه. انظر: سيرة ابن هشام (2/ 426 - 436). وأرى أن ما ذكره الأستاذ البنا من باب سبق القلم، وسبحان من لا يغفل ولا ينام.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 535