نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 534
ليكون لهم الغنم وعلى غيرهم الغرم، ويتربّصون الدوائر دائما بالأمم والشعوب، وإن نعموا بخيرها وعاشوا فى ظلها.
هؤلاء اليهود كانوا يرقبون مبعث النبىّ الجديد حتى يكونوا أول من آمن به، فيسودون بسيادته، وينبه ذكرهم باتّباع دعوته، ويساهمون فى تأييده، فلما جاء وكان عربيا ولم يكن إسرائيليا كفروا به، وناهضوا دعوته، وأسرّوا خصومته.
ماذا يكون موقف النبى صلى الله عليه وسلم منهم وهو لا بدّ أن يحدّد هذا الموقف تحديدا واضحا حتى يتفرّغ لما ينتظره من واجبات كبار وأعمال واسعة النطاق؟
وهنا يظهر الخطر فى عدم تجانس الأمة، وكثرة الأقليات فيها، وعدم العمل لتوحيد أهدافها حتى تصل إلى غايتها. وما أسعد الأمة المتحدة العناصر، المتشابكة العقائد والآراء والأهداف. وما نصيحة القرآن لأبنائه لو عقلوها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ [آل عمران: 118، 119].
واجه النبىّ صلى الله عليه وسلم هذه المشكلة؛ مشكلة الأقلية اليهودية من جيران يثرب ونزلائها فكان بين فريقين: فريق المشركين فى مكة، وهؤلاء خصوم ألدّاء، ناهضوا دعوته، وأخرجوه هو وأصحابه من ديارهم وأموالهم وأهلهم، وران على قلوبهم ما كانوا يكسبون من أدران الوثنية وعادات الجاهلية.
وفريق اليهود فى يثرب وهم قوم متألهون قد ورثوا شيئا عن النبوة والأنبياء، فليست الدعوة غريبة عنهم، بل كانوا من المبشّرين بها، والدّاعين إليها، وهم فى الوقت نفسه ليسوا فى قوة أولئك، وهم قد وقفوا موقف المترقب المنتظر.
رأى النبىّ صلى الله عليه وسلم أمام هذا الوضع أن يحالف هؤلاء اليهود، وبخاصة وهو يقدّر [1] أنبياءهم، ويشيد بمآثر رسلهم، ويقصّ عليهم من تاريخهم، ويذكرهم
بأيامهم، ويؤكد [1] كتبت فى المقال (يقدس) وهو خطأ، ولعله من خطأ المطبعة فى المجلة، والصواب ما أثبته، فلا يوجد فى الإسلام تقديس لشخص، إنما تقدير واحترام.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 534