نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 382
ذهب كثير من المفسرين إلى أن المقصود من ذلك: أن الله جل جلاله جعل كل نوع من أنواع ثمرات الدنيا صنفين، إما فى اللونية كالبياض والسواد ونحوهما، أو فى الطعمية كالحلو والحامض ونحوهما، أو فى القدر كالصغر والكبر، أو فى الكيفية كالحر والبرد.
وقال الفراء: إن المراد بالزوجين: الذكر والأنثى.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد فى قوله: (جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) قال: ذكر وأنثى من كل صنف.
وأنت إذا عرفت ما قرره النباتيون من أن الاتحاد فى كل أصناف النبات لا يكون إلا بعد (الإخصاب) الذى يكون بعد التلقيح، وأن الأزهار النباتية منها ما هو ذكر ومنها ما هو أنثى ومنها ما هو مزدوج، ففيه أعضاء الذكورة والأنوثة معا. علمت مبلغ الإعجاز فى هذه الآية الكريمة، وأنها تشير إلى قانون نباتى لم يكتشف إلا فى الأعصار
الحديثة، ورجحت بهذا ما ذهب إليه الفراء ومجاهد من أن المراد بالزوجين الذكر والأنثى.
ولا يرد على هذا أن بعض الثمار ينمو من غير تلقيح كالدرنيات مثل نبات البطاطس ونحوها، فإن هذه ليست ثمارا حقيقية، ولكنها امتدادات أو جذور من جسم النبات الأصلى، تنمو بقوة التوالد الخضرى.
(يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) تقدم الكلام على ذلك فى سورة الأعراف [1] عن قوله تعالى:
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً [الأعراف: 54]، وملخص ما قيل هناك: أن معنى التغشية أو الإغشاء: التغطية. وفى قراءة التشديد: المبالغة والكثرة، والمعنى: أن الله قد جعل الليل الذى هو الظلمة يغشى النهار وهو ضوء الشمس على الأرض، أى يتبعه ويغلب على المكان الذى كان فيه ويستره، وأن مسألة الليل والنهار صارت معلومة بالقطع فى هذا [1] أى تقدم شرحها فى تفسير المنار، فكلما يشير الإمام البنا إلى تفسير آية سبق تفسيرها، إنما يقصد بذلك تفسير المنار، وذلك نظرا لأنه يشرح سورة الرعد فى مجلة (المنار) التى كان يملكها ويحررها الشيخ رشيد رضا رحمه الله.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 382