فتنة المال:
الأحبار: علماء اليهود، والرهبان: عبّاد النصارى، والصنفان خيار أهل الكتاب الذين تعالى كثير منهم فى تقديسهم حتى اتخذوهم أربابا من دون الله كما تقدّم. ومع هذا فتن المال الكثير منهم، فانزلقوا عن قدسية الزهادة فى الدنيا والعزوف عن زينتها، وتهافتوا على جمع الثروة وطلب الغنى وكنز المال وأكله بالباطل.
وفى التعبير بالكثير دون التعميم عدل وإنصاف يلازمان دائما أحكام القرآن الكريم، ولا تجد أعدل حكما ولا أكثر نصفة من أحكامه حين يصدرها حتى على مخالفيه، والذين لا يؤمنون به، وذلك واضح فى كل مواضعه وتأمّل قوله فى موطن آخر عن عيسى عليه السلام وأتباعه: وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ [الحديد: 27] تر أعدل وأوضح وأدق تلخيص لتاريخ الرهبنة ونتائجها فى المسيحية.
[من صور أكل أموال الناس بالباطل]
وأكل أموال الناس بالباطل له صور شتّى عند أهل الكتاب وعند الأحبار والرهبان وغيرهم، والحديث وإن كان فيهم إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما
(1) نشرت فى مجلة (الإخوان المسلمون) الأسبوعية فى العددين: (178) الصادر فى 16 من المحرم سنة 1367 هـ- 29 من نوفمبر سنة 1947 م. والعدد (179) الصادر فى 23 من المحرم سنة 1367 هـ- 6 من ديسمبر سنة 1947 م.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 287