نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 138
والرحيم معبود آخر حتى يرد عليه بأنها شىء واحد، ولكن الذى عرف هو قول النصارى فى ابتداء شئونهم: باسم الأب والابن والروح القدس، وهو فى زعمهم ثلاثة مختلفة الآحاد مع أنها واحد. فأراد الله أن يجعل للمسلمين فاتحة أعمال تحتوى على ثلاثة معان: الأول ذات، والآخران صفتان- فلفظ الجلالة هو الذات وهو يقابل الأب عندهم، والرحمن وصف الفعل المتجدّد الصادر من فيض الكرم، وهذا يقابل الابن لزعمهم أنه منبثق من الذات، والرحيم يدل على الصفة الثابتة للذات الأقدس وهى التى يرجع إليها الفعل المتجدّد- وباعتبارها يصدر ويتجدد وهو يقابل روح القدس فإنه عندهم الصلة بين الأب والابن وإن حاولوا ستر ذلك بضروب من العبارات، فأراد الكتاب أن يعلمنا كيف نضع التوحيد مكان التثليث، ونستبدل بألفاظ التشبيه خيرا منها من ألفاظ التنزيه.
ولا يفوتنا المعنى الذى يحتج بقصده مع الأب والابن والروح القدس وهو معنى الرحمة وإفاضة النعمة. وهذا هو وجه تكرير هذه الفاتحة الكريمة فى كل سورة، والندب إلى الافتتاح بها فى كل عمل ذى بال" [1].
أقول [2]: لو قبل أهل الدين من النصارى هذا التفسير: لانحلت أعظم عقدة تباعد بين عقيدتى المسيحية والإسلام.
ومجمل القول: أنّ جمهور المفسرين على أن معنى الرحمن: المنعم بجلائل النعم، ومعنى الرحيم: المنعم بدقائقها. وهو توجيه لا دليل عليه، أو أنهما بمعنى واحد والثانى تأكيد للأول، وهو رأى الجلال والصّبّان [3]، وبعض المفسرين وهو ضعيف [4]، إذ إن الحق أنه لا توجد فى القرآن كلمة زائدة لغير معنى مقصود كما قال ابن جرير الطبرى [5]. أو أن أحد الوصفين يدل على صفة الرحمة الثابتة له سبحانه، والثانى يدل [1] المصدر السابق. [2] القائل هنا: الإمام الشهيد رحمه الله. [3] قال فى رسالته فى تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم). [4] انظر: تفسير المنار (1/ 46). [5] انظر: تفسير الطبرى (1/ 94)، وقد كتب شيخ الأزهر السابق الدكتور عبد الرحمن تاج رحمه الله بحثا علميا فى غاية القوة والرصانة حول" من" فى القرآن الكريم التى قالوا عنها: زائدة. فأبدع فيه رحمه الله، فليراجع فى كتابه" بحوث أصولية ولغوية".
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 138