تعم البلوى بهذه الرطوبة ومن النساء من تجلس ساعاتٍ مبتلاةً بهذه الرطوبة؛ فهل نحكم بالنجاسة أيضاً، وكيف تكون طهارتها؟ نقول: إنها كالمستحاضة، فكما أن المرأة يصيبها دم الإستحاضة، ويستمر معها أحياناً شهوراً، والشريعة تحكم بكون هذا الدم نجساً، كما بين ذلك عليه الصلاة والسلام وذلك حينما أمر بغسله، ويكاد يكون بالإجماع: أن دم الإستحاضة نجس، ولم تَمْنَعْ كثرةُ دم الإستحاضة الحكمَ بنجاسته شرعاً؛ كذلك كثرةُ رطوبةِ الفرج لا تمنع الحكم بالأصل، لكن إذا كثرت على المرأة فإنّها تترخص برخص المستحاضة فيما تشبهها به، فتضع قطنة تشدُّ بها الموضع، فإن غلبها الدم فإنها تصلي على حالتها، وتتوضأ لدخول كل وقت، فالمرأة التي تغلبها الرطوبة، وتصل بها إلى درجة المشقة حكمها حكم الإستحاضة سواء بسواء على التفصيل الذي سنذكره فيها -بإذن الله تعالى- في كتاب الحيض، وهذا لا حرج فيه، ولا مشقة؛ لأن القاعدة في الشريعة: " أَنَّ الأمرَ إِذَا ضاقَ إِتَّسَعَ "، فما دام أنه يضيق على المرأة، ويحرجها؛ فإنّها تتعبد الله -عز وجل- على قدر وسعها، وطاقتها كما قال سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [1].
وقوله: [رُطُوبةُ]: فيه تخصيص، حيث دلّ على أن غير الرطوبة من فضلات بدن المرأة الأخرى تُعتبر طاهرة، ولا يُحكم بنجاستها مثل العرق والبصاق والريق واللعاب. [1] البقرة، آية: 286.