يعتبر طاهراً لأنه خارج بعد الذكاة من غير موضعها، فالإستدلال بهذا الحديث استدلال بما هو خارج عن موضع النزاع.
واستدلوا بحديث عبّاد بن بشر رضي الله عنه لما أصابه السهم وهو قائم يصلي في حراسته، فنزعه فنزف قالوا لو كان نجساً لقطع صلاته، وهذا يعارض المنطوق الذي ذكرناه في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إغْسِلي عَنْكِ الدَّمَ]، وجوابه كما نبّه عليه شراح الحديث في غير ما موضع أن حديث الصحابي رضي الله عنه في النزف، والنزيف سواءً كان بسهم، أو باستحاضة متفق على أنه يُعتبر رخْصَة يعني يصلي الإنسان، ولو جرى معه الدم، كما صلّى عمرُ -رضي الله عنه- وجُرحه يَثْعُب؛ لأنه لا يستطيع إيقافه غالباً؛ وإنما يستقيم الإستدلال بهذه الأدلة أن لو كان الدم فيها من غير نزف بمعنى أنه يمكنه إيقافه، فلو كان كذلك لعارض ظاهر ما ذكرناه من النصوص، ولكنه ليس كذلك، ولذلك لا تعتبر هذه الأدلة حجة على الجمهور؛ لأن الجمهور يقولون: إن المرأة المستحاضة إذا غلبها الدم تُصلي على حالتها، وكذلك الذي معه رعاف لو غلبه الرعاف يُصلي على حالته ولو كان الدم على ثوبه، أو بدنه إذا غلبه، وكان كثيراً؛ لأن التكليف شرطه الإمكان، فليس هذا الدليل في موضع النزاع، وكذلك الإستدلال بما ورد في قصة عمر رضي الله عنه لأنها بصورة النزيف الموجب للرّخصة.
ولذلك قال جمهور العلماء: إنّ الدمَ نَجِسٌ، وهو الراجح لدلالة النّصوص القويّة على رجحانه كما قدمنا، ولم يُخالف في ذلك إلا بعض أهل الظاهر، وبعض أهل الحديث رحمهم الله.