responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 4  صفحه : 15
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرِيدَ إذَا بَدَا مِنْهُ قُوَّةُ نَفْسٍ وَلَجَاجٍ لِتَنْكَسِرَ نَفْسُهُ وَتَلِينَ، مِثْلُ هَذَا الْمُرِيدِ أَوْ مَنْ هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ رَأْيُ الْقَاضِي فِي التَّغْرِيبِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْتَحِ وَلَهُ حَالٌ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِغَلَبَةِ النَّفْسِ فَنَفْيُهُ يُوَسِّعُ طُرُقَ الْفَسَادِ وَيُسَهِّلُهَا عَلَيْهِ. اهـ.
[تَنْبِيهٌ] أَشَارَ كَلَامُ الْفَتْحِ إلَى أَنَّ السِّيَاسَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالزِّنَا وَهُوَ مَا عَزَاهُ الشَّارِحُ إلَى النَّهْرِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: السِّيَاسَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالزِّنَا بَلْ تَجُوزُ فِي كُلِّ جِنَايَةٍ، وَالرَّأْيُ فِيهَا إلَى الْإِمَامِ عَلَى مَا فِي الْكَافِي، كَقَتْلِ مُبْتَدِعٍ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ انْتِشَارُ بِدْعَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ كَمَا فِي التَّمْهِيدِ، وَهِيَ مَصْدَرُ سَاسَ الْوَالِي الرَّعِيَّةَ: أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ، فَالسِّيَاسَةُ اسْتِصْلَاحُ الْخَلْقِ بِإِرْشَادِهِمْ إلَى الطَّرِيقِ الْمُنْجِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَهِيَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ فِي ظَاهِرِهِمْ وَبَاطِنِهِمْ، وَمِنْ السَّلَاطِينِ وَالْمُلُوكِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ فِي ظَاهِرِهِ لَا غَيْرُ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ وَرَثَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْخَاصَّةِ فِي بَاطِنِهِمْ لَا غَيْرُ كَمَا فِي الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهَا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى.
قُلْت: وَهَذَا تَعْرِيفٌ لِلسِّيَاسَةِ الْعَامَّةِ الصَّادِقَةِ عَلَى جَمِيعِ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَتُسْتَعْمَلُ أَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ زَجْرٌ وَتَأْدِيبٌ وَلَوْ بِالْقَتْلِ، كَمَا قَالُوا فِي اللُّوطِيِّ وَالسَّارِقِ وَالْخَنَّاقِ إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُمْ ذَلِكَ حَلَّ قَتْلُهُمْ سِيَاسَةً وَكَمَا مَرَّ فِي الْمُبْتَدِعِ، وَلِذَا عَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا تَغْلِيظُ جِنَايَةٍ لَهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ، وَقَوْلُهُ لَهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَإِنْ لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهَا بِخُصُوصِهَا فَإِنَّ مَدَارَ الشَّرِيعَةِ بَعْدَ قَوَاعِدِ الْإِيمَانِ عَلَى حَسْمِ مَوَادِّ الْفَسَادِ لِبَقَاءِ الْعَالَمِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ السِّيَاسَةَ هِيَ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ الْحَاكِمِ لِمَصْلَحَةٍ يَرَاهَا وَإِنْ لَمْ يُرَدْ بِذَلِكَ الْفِعْلِ دَلِيلٌ جُزْئِيٌّ اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ عَنْ الْحَمَوِيِّ: السِّيَاسَةُ شَرْعٌ مُغَلَّظٌ، وَهِيَ نَوْعَانِ: سِيَاسَةٌ ظَالِمَةٌ فَالشَّرِيعَةُ تُحَرِّمُهَا. وَسِيَاسَةٌ عَادِلَةٌ تُخْرِجُ الْحَقَّ مِنْ الظَّالِمِ، وَتَدْفَعُ كَثِيرًا. مِنْ الْمَظَالِمِ، وَتَرْدَعُ أَهْلَ الْفَسَادِ، وَتُوَصِّلُ إلَى الْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ فَالشَّرِيعَةُ تُوجِبُ الْمَصِيرَ إلَيْهَا وَالِاعْتِمَادَ فِي إظْهَارِ الْحَقِّ عَلَيْهَا، وَهِيَ بَابٌ وَاسِعٌ، فَمَنْ أَرَادَ تَفْصِيلَهَا فَعَلَيْهِ بِمُرَاجَعَةِ كِتَابِ مَعِينِ الْحُكَّامِ لِلْقَاضِي عَلَاءِ الدِّينِ الْأَسْوَدِ الطَّرَابُلُسِيِّ الْحَنَفِيِّ. اهـ.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ السِّيَاسَةَ وَالتَّعْزِيرَ مُتَرَادِفَانِ وَلِذَا عَطَفُوا أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِبَيَانِ التَّفْسِيرِ كَمَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا، بَلْ اقْتَصَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ عَلَى تَسْمِيَتِهِ تَعْزِيرًا وَسَيَأْتِي أَنَّ التَّعْزِيرَ تَأْدِيبٌ دُونَ الْحَدِّ مِنْ الْعَزْرِ بِمَعْنَى الرَّدِّ وَالرَّدْعِ وَأَنَّهُ يَكُونُ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِمُقَابَلَةِ مَعْصِيَةٍ وَلِذَا يُضْرَبُ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ عَلَى الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ السِّيَاسَةُ كَمَا مَرَّ فِي نَفْيِ عُمَرَ لِنَصْرِ بْنِ الْحَجَّاجِ، فَإِنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: مَا ذَنْبِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: لَا ذَنْبَ لَك وَإِنَّمَا الذَّنْبُ لِي حَيْثُ لَا أُطَهِّرُ دَارَ الْهِجْرَةِ مِنْك، فَقَدْ نَفَاهُ لِافْتِتَانِ النِّسَاءِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصُنْعِهِ، فَهُوَ فِعْلٌ لِمَصْلَحَةٍ وَهِيَ قَطْعُ الِافْتِتَانِ بِسَبَبِهِ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَشْرَفِ الْبِقَاعِ، فَفِيهِ رَدٌّ وَرَدْعٌ عَنْ مُنْكَرٍ وَاجِبِ الْإِزَالَةِ، وَقَالُوا إنَّ التَّعْزِيرَ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، فَقَدْ ظَهَرَ لَك بِهَذَا أَنَّ بَابَ التَّعْزِيرِ هُوَ الْمُتَكَفِّلُ لِأَحْكَامِ السِّيَاسَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ فِعْلَ السِّيَاسَةِ يَكُونُ مِنْ الْقَاضِي أَيْضًا، وَالتَّعْبِيرُ بِالْإِمَامِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْقَاضِي بَلْ لِكَوْنِهِ هُوَ الْأَصْلُ، وَالْقَاضِي: نَائِبٌ عَنْهُ فِي تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ فَيَسْأَلُهُمْ الْإِمَامُ، وَبَدَأَ الْإِمَامُ بِرَجْمِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ مَعِينِ الْحُكَّامِ: لِلْقُضَاةِ تَعَاطِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ حَتَّى إدَامَةُ الْحَبْسِ وَالْإِغْلَاظُ عَلَى أَهْلِ الشَّرِّ بِالْقَمْعِ لَهُمْ، وَالتَّحْلِيفُ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، وَتَحْلِيفُ الشُّهُودِ إذَا ارْتَابَ مِنْهُمْ ذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَتَحْلِيفُ الْمُتَّهَمِ لِاعْتِبَارِ حَالِهِ أَوْ الْمُتَّهَمِ بِسَرِقَةٍ يَضُرُّ بِهِ وَيَحْبِسُهُ الْوَالِي وَالْقَاضِي. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي بَابِ التَّعْزِيرِ أَنَّ لِلْقَاضِي تَعْزِيرَ الْمُتَّهَمِ وَصَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ قُبَيْلَ الْجِهَادِ أَنَّ مِنْ السِّيَاسَةِ عُقُوبَتَهُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ سَارِقٌ وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ عِنْدَهُ، فَقَدْ أَجَازُوا

نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 4  صفحه : 15
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست