جلد الميتة ولو دبغ، وأن الدباغ لا يطهر، وأنه يباح الانتفاع به في يابس أو ماء.
فأما دليلهم على نجاسة جلد الميتة ولو دبغ، فقالوا: إن الجلد جزء من الميتة، وقد قال سبحانه وتعالى: {حرمت عليكم الميتة} [1]، فلم يطهر بالدباغ كاللحم.
ولأن الجلد حرم بالموت فكان نجساً، كما كان قبل الدبغ.
والجواب أن يقال:
أولاً: أنتم لا تقولون بنجاسة شعر الميتة إذا جز، وهو جزء من الميتة، وسبب النجاسة في الميتة هو احتقان الدم فيها واحتباسه، ولذلك مالا نفس له سائلة لا ينجس بالموت، والجلد إذا دبغ فالدباغ ينشف رطوبته ويجففه، فالميتة ثلاثة أقسام:
منها ما هو طاهر مطلقاً كالشعر إذا جز، سواء جز في حال الحياة، أو بعد الموت.
ومنها ما لا يطهر بحال كاللحم، والدم المسفوح.
ومنه ما يحكم بنجاسته ما دام متصلاً برطوبة النجاسة ودمها، فإذا دبغ قطعت عنه هذه النجاسات، فأصبح طاهراً. ونجاسة الجلد قبل الدباغ كنجاسة الثوب، فإذا دبغ قطعت عنه النجاسة [2].
(130) وأما دليلهم على تحريم الانتفاع به قبل الدبغ، فهو ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا غندر، عن شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي [1] المائدة: 3. [2] مجموع الفتاوى بتصرف (21/ 90 - 102).