ينوي مقامًا يوجب الإتمام أو يكون له بها أهل. وهذا الذي أخذ به من اختلاف قول مالك في هذا، وبه أخذ ابن القاسم وأصبغ. وقد قال بعض المتأخرين إنما أشار ابن المواز لاختلاف قول مالك في مسألة من خرج من مكة ليعتمر ثم يعود إليها على ما سنذكره ها هنا. وقال بعض المتأخرين الفاصل في السفر شيئان [1] أحدهما مروره على موضع استيطانه. والثاني عزيمة مقام أربعة أيام في غير موضع الاستيطان فإنه فاصل بين الماضي والمستقبل من السفر. قال ابن المواز وهذا الذي أخذ به من اختلاف قول مالك في هذا وبه أخذ ابن القاسم وأصبغ وهذا يقتضي أن حكمه حكم من نوى سفر قصر على أن يقيم في أثنائه أربعة أيام في اختلاف قول مالك. ففهم هذا المتأول من كلام ابن المواز أن مراده الإشارة إلى كون السفر فاصلًا بين الإقامتين. وكلاهما أصل مختلف فيه. وقد كنا قدمنا نحن أن ناوي مقام أربعة أيام كالحال بموطنه [2] في كون ذلك قاطعًا لاتصال السفر. وأشاو هذا المتأخر ها هنا إلى تخريج ذلك على الاختلاف الذي ذكرناه عنه. فأما من قال: إن الراجع يقصر في الحلول الثاني بالقرية التي كان يتم بها قبل ذلك، فإنه قدّر أنه لقا خرج بنية ألا يعود إلى المكان صار رافضًا لحكم المقام. وإذا ارتفض حكم المقام قصر في عودته. ومن قال أنه يتم فإنه قدّر أن الرجوع أبطل حكم السفر، وإذا أبطل السفر عاد إلى ما كان عليه في الأصل فيتم في رجوعه وحلوله استصحابًا لما كان عليه بالإتمام.
وأما الراجع إلى البلد بحكم الريح ففي المدونة روى ابن زياد عن مالك في الذي يركب البحر فيسير يومًا أو كثر من ذلك فقصز الصلاة فلقيته الريح فردته إلى المكان الذي خرج منه وحبسته فيه أيامًا فإنه يتم الصلاة ما حبسته الريح في المكان الذي خرج منه. وذهب سحنون إلى أنه لا يتم بالموضع. وإن كان يصلي فيه إتمامًا قبل ذلك، إلا أن يكون وطنه، أو ينوي الآن فيه مقام أربعة أيام، فإنه يتئم. واحتج بقول مالك فيمن خرج من مكة ليعتمر ثم يعود.
قال بل مسألة المردود بالريح أحق بالقصر لأنه لما ركب البحر فقد رفض سكنى الموضع الذي ركب منه. والذي خرج من مكة كان في نيته الرجوع إليها. فلهذا [1] على ضربين - قل. [2] بوطنه - قل.