أيام أتم، وعثمان من الأئمة الراشدين. وقد خالف ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما فيما قالاه. وقد خرج البخاري عن ابن عباس أنه قال: أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يقصر. فنحن إذا سافرنا تسعة عشر نقصر، وإن زدنا أَتْمَمْنا [1].
وخرج عن أنس أنه قال: قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجع. قيل له أقمتم بمكة شيئًا؟ فقال: أقمنا عشرًا [2]. وهذا الذي خرجه البخاري لم يذكر في هاتين المرتين [3] أنه نوى الإقامة فلا حجة فيه. وكذلك ححديث عمران بن الحصين أنه أقام بمكة عام الفتح ثمانية عشر يومًا يقصر [4] فليس فيه أيضًا أنه نوى الإقامة. وقال تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [5]. فعلق القصر بالضرب في الأرض. فإذا لم يوجد بقي على الأصل المستقر الذي هو الإتمام.
وهذا قد يتعلق به من راعى حط رحله. أو دخول المدينة. ولما كان المسافر حكمه [6] القصر، فقد يتعلق باستصحاب هذه الحال من قال بأعلى هذه التحديدات، ويقول لا ينقله عن الحال الذي هو عليها من القصر إلا بدليل، وما زاد على أعلى المبالغ فقد قام دليل الاتفاق على الإتمام فيه. وعلى كثرة هذا الاختلاف الذي حكيناه فقد قال ابن القاسم إن نوى المسافر إقامة أربعة أيام ثم قصر أعاد أبدًا. وابن القاسم ربما يراعي من الخلاف ما هو أشد من هذا.
وها هنا لم يعرج على هذا الاختلاف مع كثرته. ورأى أن ما زاد على أربعة أيام لم يتضح سقوط اعتباره على غموض الدليل الذي لأجله حددنا بأربعة أيام.
وإذا ثبت من مذهبنا مراعاة أربعة أيام، فإذا دخل المسافر وقد مضى بعض النهار فهل يحتسب بأربعة أيام كوامل سوى يوم دخوله أم لا؟ أما القائلون من [1] أخرجه البخاري ولفظه: أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يقصر فنحن إذا مافرنا تسعة عشر قصرنا وإن زدنا أتممنا. البخاري ج 3 ص 53. [2] رواه البخاري ج 3 ص 53. [3] المدتين -و-. [4] رواه أحمد وأبو داود والترمذي والطبراني وأبو شيبة وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان
ضعيف وحسنه الترمذي لشواهد. بلوغ الأماني ج 5 ص 112. [5] سورة النساه، الآية: 101. [6] في -و- حكمه حكم القصر.