ينبغي أن يوافق هيئة الصلاة. وعنده أن التشهد الأول يجلس فيه مفترشًا. ولأن ابن مسعود أنكر التربع فقال: لأن أجلس على رضف أحب إقي من أن أصلي متربعًا. وهذا المحكي عن ابن مسعود يقابله من اختار التربع بما روي عن ابن عمر وابن عباس وأنس من اختيار التربع.
ووجه قول أبي حنيفة بالتخيير أن القيام، لما سقط تخفيفًا، فالهيئة أولى أن تسقط. وإذا اضطر الجالس إلى مخالفة الهيئة المختارة فعل. وقد سئل مالك في المدونة عن من بركبتيه ما يمنعه من الجلوس والسجود عليهما فقال يفعل من ذلك ما استطاع وتيسر عليه فإن دين الله يسر. وقال مالك في المدونة فيمن تنفل في المحمل إذا أهوى للسجود ثنى رجليه وأومأ بالسجود فإن لم يقدر أن يثني رجليه أوما متربعًا. وقال ابن حبيب من شاء في تنفله قام في ركعة وقعد في ثانية أو قام بعد قعود أو قعد بعد قيام فقرأ ثم عاد للقيام، بدأ أول ذلك كيف شاء. وإن شاء سجد وإن شاء أوما من غير علة وله أن يمُد إحدى رجليه إذا عيي وكذلك في المحمل له أن يقعد بين التربع والاحتباء، فأنت تراه كيف أشار إلى جواز مد الرجل عند الإعياء وإن كان ذلك ليس من هيئة الصلاة. وقد قال في المدونة لا بأس بالاحتباء في النوافل للذي يصلي جالسًا بعقب تربعه. قال بعض الأشياخ معناه: مرة احتباء، ومرة تربعًا. يبدأ بالتربع ثم يعقبه احتباء. وقيل معناه يجعل العقب حذو العقب. ومن رواه بعقب تربعه بالباء التي هي حرف جر لم يصح هذا التأويل عنده.
والجواب عن السؤال السابع: أن يقال: إذا عجز المريض عن القيام لم يخاطب به. فإن كان لا يعجز عنه، ولكنه تلحقه من القيام إذا تكلفه مشقة فادحة تُلحقه بحكم العاجز فإنه لا يخاطب بالقيام أيضًا. وقال محمَّد بن عبد الحكم إن خاف معاودة علة تضر به إن قام سقط عنه القيام. وكذلك عنده من لا يملك خروج الريح منه إذا قام. فإن القيام يسقط عنه ويصلي جالسًا. وكأنه رأى أن مراعاة فرض الطهارة التي هي شرط في صحة الصلاة أولى من مراعاة فرض القيام.
هل يباح له ترك القيام لقدح الماء من عينيه؟ لا يخلو أن يترك القيام إلى الجلوس أو إلى الاضطجاع، فإن تركه إلى الجلوس وأمكنه أن يصلي جالسًا