والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: من كان فرضه الإيماء فصلى في المحمل وهو عاجز عن القيام أيضًا حتى تكون صلاته في المحمل كصلاته في الأرض فإن المذهب ظاهره مختلف في ذلك. كره مالك في المدونة صلاته في المحمل وإن كان [1] لا يستطيع الجلوس. وروي عن مالك إجازة ذلك إذا تساوت الحال وأمْسكت به الدابة إمساكًا يكون به متوجهًا إلى القبلة. وروي عن مالك أيضًا أنه لا يجوز أن يصلي في المحمل راكبًا إلا إذا لم يقدر أن يصلي بالأرض جالسًا. وظاهر المدونة وإن كان مقتضاه النهي على الإطلاق، فقد تأوله أبو محمَّد على أن معناه أنه لا يصلي حيث ما توجهت به الدابة. وأما لو وقفت واستقبل القبلة لجاز. فالمنع على الإطلاق عنده ليس برواية إذا تُؤول ما في المدونة على موافقة الرواية الأخرى التي حكيناها. ولو كان المريض يقدر على السجود وعلى القيام لم يصل في المحمل لأنه لا ينتقل إلى الجلوس أو الإيماء مع القدرة على القيام والسجود.
والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: أما صفة الجلوس فيمن صلى جالساً فقد قال مالك في المدونة: من تنفل في محمله فقيامه توبع فإذا ركع ركع متربعًا. وقال محمَّد بن عبد الحكم: بلغني عن كبار أهل العلم وخيارهم أنهم إذا صلوْا جلوسًا فيركعون ويثنون أرجلهم على نحو الجلوس بين السجدتين.
وذكر أن محمَّد بن المنكدر وابن أبي حازم وربيعة كانوا يفعلون ذلك إذا صلوا النفل. ومال بعض الأشياخ إلى اختيار هذه الجلسة لما كانت مشروعة في الصلاة كما أشار إليه ابن عبد الحكم. ولكونها أقرب للتواضع. واختلف قول الشافعي فقال مرة بالتربع وقال مرة بالافتراش. واختلف قول أبي حنيفة قال مرة بالتخيير بين هذين وقال مرة بالتربع. فإذا أراد أن يركع ثنى رجله.
ووجه القول بالتربع قول عائشة رضي الله عنها: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي النفل متربعًا. ولأنه بدل عن القيام فخالف غيره في الهيئة كالقيام.
ووجه ما صار إليه الشافعي من الافتراش ما أشرنا إليه من أن الجلوس [1] فإن كان - قث.