الجلوس وكان فرضه الاضطجاع فهل يصلي على جنبه أو ظهره؟ فيه قولان: أحدهما أنه يصلي على جنبه وهو المشهور. وبه قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه والشافعي. والثاني أنه يصلي على ظهره ورواه ابن حبيب عن ابن القاسم وبه قال أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي. وروي عن ابن عمر المذهبان.
فوجه البداية بالجنب قوله - صلى الله عليه وسلم -: صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنْب [1]. وقد تنازع الناس في قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [2]. فقال بعضهم المراد به المريض والخائف. فيكون ذكر الجنب على هذا التأويل حجة لهذا المذهب. وقيل المراد ذكر الله تعالى باللسان بعد انقضاء الصلاة، لأن أصحاب التأويل الأول يفتقرون إلى التَجوز يحمل فعل الماضي على المستقبل فيجعلون [3] المراد: بقضيتم: أردتم أن تقضوا. وإلى التجوز أيضًا يحمل الذكر على الصلاة. وحقيقة الذي ما كان باللسان.
واعلم أن التوجه إلى الكعبة مطلوب في الصلاة. فمن قال بالصلاة على الجنْب راعى التوجه بجميع البدن. ومن قال على الظهر راعى التوجه بالصلاة لأن المضطجع على ظهره لو أكمل ما أشار إليه من السجود لكان إلى الكعبة.
والمضطجع على جنبه الأيمن لو أكمل مبدأ حركته لكان إلى يسار القبلة. وإذا قلنا يبتدىء بالجنب فالجانب الأيمن مُبدَّاٌ. فإن لم يقدر عليه فقال ابن المواز يصلي على الأيسر فإن لم يستطع فعلى ظهره ورجلاه إلى القبلة. وقال سحنون يصلي على جنبه الأيمن ووجهه إلى القبلة كما يُجعل في لحده، فإن لم يقدر فعلى ظهره. ووقع في المدونة: يصلي على جنبه أو على ظهره ويجعل رجليه مما يلي القبلة. وتأول عليه أنه لم يُرد التخيير بين هذين. وإنما أراد البداية بالجنب. فإن لم يقدر فعلى الظهر. وكذلك قوله: يجعل رجليه مما يلي القبلة، معناه إذا صلّى على الظهر. وأما لو صلّى على جنبه فرجلاه تلي المشرق. ولو [1] حديث 914. مختصر المنذري أخرجه البخاري والترمذي وابن ماجة. [2] سورة النساء، الآية: 103. [3] فجعلوا - قث.