هذا إذا كان تلبسه بركن مفروض يعجزه عن ركن مفروض آخر. وأما لو كان عجزه في ركن ليس بمفروض مثل أن يكون المريض لا يقدر إذا قام أن يقف إلا مقدار قراءة أم القرآن فإن صلّى قائمًا اقتصر عليها وإن صلّى جالسًا قرأ بأم القرآن وسورة فإنه يصلي قائمًا لأن القيام فرض وقراءة السورة التي مع أم القرآن ليست بفرض، فلا يترك فرضًا لما ليس بفرض.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: إذا لم يستطع المريض أن يومئ برأسه للركوع والسجود فهل يومئ بطرْفه وحاجبه ويكون مصليًا بهذا الفعل مع النية للصلاة؟ مقتضى المذهب فيما يظهر لي أنه يؤمر بذلك ويكون مصليًا به، وبه قالت الشافعية وقال أبو حنيفة لا يصلي في هذا الحال وتسقط الصلاة. وقد قال ابن القاسم في العتبية إذا لم يقدر المريض على التكبير والقراءة بلسانه فلا يجزيه أن ينوي ذلك [1] بغير حركة اللسان بقدر ما يطيق. وهذا وإن كان فيه إشارة إلى أن النية لا تنفع فإن المراد به أن يأتي بحركة ما في اللسان [2] إذ لا يعجز عنها مع أن العجز عن القراءة أصلًا لا يسقط فرض الصلاة. وكأن أبا حنيفة رأى أن هذا إثبات صلاة بقياس. ولا يثبت أصل الصلاة بالقياس. ولأنه لم يأت بالركوع والسجود ولا ببعض منه، وهما مقصودا الصلاة. والمومىء أتى ببعض ذلك. واحتج أصحابه بأن ابن عمر روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإن لم تستطع فعلى القفا تومىء إيماء فإن لم تستطع فالله أولى بقبول العذر [3]. واحتجت الشافعية بقوله - صلى الله عليه وسلم -: يصلي المريض قائمًا فإن لم يستطع صلى جالسًا فإن لم يستطع صلّى على جنبه مستقبلًا القبلة فإن لم يستطع صلى مستلقيًا على قفاه ورجلاه في القبلة [4] وأومأ بطرفه وحاجبه [5].
والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: إذا لم يقدر المريض على [1] ذلك = ساقطة -و-. [2] بحركة بما في اللسان -و-. [3] حديث غريب: نصب الراية ج 2 ص 176. [4] في هامش -و- تصحيح بالقبلة. [5] أخرجه البيهقي بلفظ قريب منه عن الحسن بن علي. كنز العمال ج 3 ص 234