والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: أما اللمس بمجرده فلا ينقض الوضوء عندنا، وأما الشافعي فإنه ينقضه عنده مجرد اللمس دون حائل وإن لم يلتذ، تمسكًا منه بعموم قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [1]. ولم يشترط اللذة. وأما نحن فإنا [2] اعتبرنا اللذة لقول عائشة رضي الله عنها: افتقدت النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفراش فقمت أطلبه فوقعت يدي على أخمص قدمه فلما فرغ من صلاته قال: أتاك شيطانك [3]. ولم تذكر أن صلاته انتقضت بمجرد لمسها. فوجب تخصيص الآية بذلك وحملها على اللمس للذة. فإن قيل: فإن الشافعي ذهب في أحد [4] قوليه إلى أن الملموس لا تنتقض طهارته وإنما تنتقض طهارة اللامس، خاصة. والشعبي - صلى الله عليه وسلم - ها هنا ملموس فلا حجة به عليه. قيل قد روت أيضًا: أنها كانت تنام بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو يصلي. فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي [5]. ولم يذكر أن صلاته انتقضت وهو عليه السلام ها هنا لامس. فإن قيل هذا مخصوص للنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنكم قلتم أن اللمس إنما ينقض الوضوء على الجملة لكونه سببًا في اللذة. والنبي - صلى الله عليه وسلم - أملك لإربه منا. كما قيل في قُبلته [6] وهو صائم [7]. قيل ظاهر أفعاله التعدي عند جمهور أهل الأصول. فمن قصرها فعليه [1] سورة النساء، الآية: 43. [2] فقد -و-ق-. [3] عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فالتمسته بيدي. فوقعت يدي على قدميه وهما منصوبتان -وهو ساجد- الحديث.
البيهقي ج 1 ص 127 وقيل الأوطار ج 1 ص 246. قال صاحب المنتقى رواه مسلم والترمذي وصححه. [4] آخر -ح-ق-. [5] عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلاي -فإذا قام بسطتهما والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح. الفتح ج 2 ص 38، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي ومالك وأحمد. [6] القبلة -و-. [7] عن عائشة رضي الله عنها: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه. الفتح ج 5 ص 52/ 53.