الناس إلى أن اللمس المذكور ها هنا المراد به الجماع، وأن اللمس باليد لا يوجب الوضوء. قيل: أما اللمس فيطلق على الجماع كما قلتموه. وقد ذكر أن [1] اللمس يراد به الجماع في مواضع من القرآن. منها قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [2]. وقوله: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [3]. وقال ابن عباس: المباشرة واللمس والرفث والإفضاء والتغشي في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ، هو الجماع. ولكن الله يكني. ويطلق على اللمس باليد. قال الله سبحانه: {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} [4]. {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} [5]. وإذا انطلق على الأمرين حملناه عليهما إن كان حقيقة فيهما على القول بالعموم. وإن منع من حمله عليهما مانع، أما لانكار العموم، أو لغير ذلك وجب طلب الترجيح. فأما من حمله على الجماع فرجح ذلك بأن الله سبحانه ذكر في صدر [6] الآية طهارة الماء التي تجب عن الحدث الأصغر وعن الحدث أكبر، وهو الجنابة. ثم لما ذكر الواجب عند عدم الماء، وهو التيمم، ذكر الحدث الأصغر وهو المجيء من الغائط، وذكر اللمس، فيجب أن يحمل على الجماع لينتظم ذكر المحدثين آخر الآية، كما انتظمه صدرها. وأما من حمله على مس اليد فإنه رجح بأنه عطف على المجيء من الغائط. وهو مما يختص بالطهارة الصغرى. فوجب أن يحمل اللمس على ما يختص بالطهارة الصغرى ليكون حكم [7] العطف والمعطوف عليه واحد [8]. وإذا تقابل هذان الترجيحان عضدنا ترجيحنا بقياس. فقلنا لما كان النوم سببًا للحديث الحق به. وكذلك مس الذكر لما كان سببًا للحديث ألحق به. فيجب أن يكون اللمس كذلك. [1] ان ساقطة -ح-. [2] سورة البقرة، الآية: 237. [3] سورة البقرة، الآية: 236. [4] سورة الأنعام، الآية: 7. [5] سورة الجن، الآية: 8. [6] هذه الآية -ح-. [7] ذكر -ح-. [8] هكذا بالرفع في جميع النسخ.