فيجب أن تكون كل نجاسة ظهرت من الجسد تنقض الوضوء قياسًا على البول والغائط. قيل ليس العلة في البول والغائط ما قلتموه. ولكن العلة كونهما خارجين من مخرج مخصوص، على رأي من قال من أصحابنا: أن كل خارج من الذكر ينقض الوضوء، أو كونهما خارجين مخصوصين من مخرج مخصوص على رأي من قال من أصحابنا: أن الحصى لا ينقض الوضوء. وإذا أمكن أن يكون الحكم متعلقًا بإحدى هاتين العلتين فلا وجه لاقتصارهم على العلة التي ذكروها بمجرد الدعوى. على أن إثبات هذه العلة وتحقيق القول فيما ذكرناه من العلل يفتقر [1] إلى ما يتعلق ذكره بأصول الفقه. وإنما ذكرنا ما ذكرناه على جهة المقابلة لهم. على أنهم يشترطون في النجاسات التي أثبتوها ناقضة للوضوء شرطًا لا يثبتونه في البول والغائط. ويشترطون [2] في القيء أن يكون ملء الفم على ما ذكره بعضهم. وهذا يضعف [3] قياسهم. وإن قالوا فإنه عليه السلام أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة [4] مع إخباره بأن ذلك دم عرق. فقال إنما ذلك عرق وليس بالحيضة. وهذا تعليل منه عليه السلام لإيجاب الطهارة بخروج النجاسة التي هي دم العرق. قيل لم يجعل ذلك - صلى الله عليه وسلم - علة لإيجاب الوضوء. وإنما جعله علة لسقوط الغسل. لأن الدم الخارج من الرحم على جهة العادة يوجب الغسل. فأخبر عليه السلام أن هذا وإن كان دمًا خارجًا من مخرج الدم الآخر، فليس حكمه كحكمه. ألا ترى إلى قوله وليس [5] الحيضة. وهذا تنبيه على أنه إنما أراد إثبات المخالفة بينهما. على أن هذا الحديث وقع فيه من الاضطراب بين الرواة ما لا يكاد يحصى. وقد ذهب بعض الفقهاء إلى إثبات الغسل عليها لكل صلاة. وتعلقوا ببعض طرق هذا الخبر. وذهب بعضهم إلى إثبات ثلاث غسلات إحداها تجمع [6] به بين الظهر والعصر لاشتراك وقتهما. والغسلة [1] تفتقر -و-. [2] ويرون -ح-. [3] يضعفه -و-. [4] تقدم تخريجه قريبًا. [5] وليس ذلك -ح-. [6] يجمع بها. و.