والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: أما خروج ما لم يعتد خروجه، كالحصى من الذكر، والدود من الدبر، ففي نقضه للوضوء اختلاف. فالجمهور على أنه لا ينقض الوضوء [1]. لأن الأصل براءة الذمة من العبادة ولا تجب إلا بشرع. ولم يرد شرع بإثبات الوضوء من الحصى، وشبهه. فلم يثبته [2] في نواقض الوضوء التي ورد الشرع بها كما لم يثبت [3] ما خرج من فضلات البدن من سائر نوافذه، مثل الدمع والبصاق، حديثًا ناقضًا الوضوء. وقيل ينتفض به الوضوء لأنه خرج من السبيلين اللذين ينقض الوضوء ما خرج منهما مثل البول والغائط. فألحق هذا النوع بذلك. وأيضًا فإنه عليه السلام أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة مع قوله أن ذلك عرق وليس بالحيضة [4] ودم العرق ليس من المعتاد. وقد أمر بالوضوء منه لما خرج من السبيل المعتاد خروج ما ينقض الوضوء منه.
والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: إنما تعرض لذكر القيء والرعاف والحجامة والفصاد، لأن من الناس من ذهب إلى نقض الوضوء [5] بذلك على الجملة فنبه على مخالفتهم في ذلك.
والدليل على فساد ما ذهبوا إليه: ما روي [6] أن رجلًا صلى وجرحه يسيل فلم ينكر عليه - صلى الله عليه وسلم - وقياسًا على الدمع والبصاق. وقد اتفقنا على أنه لا تأثير له. فإن قالوا بأن العلة في تأثير البول والغائط في نقض الوضوء، كونهما نجسين [1] الوضوء ساقط من -و-ق-. [2] نثبته -و-. [3] يثبت على -و-. [4] عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
فقالت: يا رسول الله إني امرأة أُستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: لا! إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة. وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي. متفق عليه - مشكاة المصابيح - 557. [5] إلى أن نقض الوضوء -و-. [6] ما روي = ساقطة -و-.