responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 166
الِانْكِبَابُ عَلَى الدُّنْيَا، وَالْإِعْرَاضُ عَنِ الْأُخْرَى، وَالْإِقْدَامُ وَالْجَرْأَةُ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرُبَّمَا غَلَبَ عَلَى الْإِنْسَانِ ضَرْبٌ مِنَ الْخَطِيئَةِ، وَنَوْعٌ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَجَانِبٌ مِنَ الْإِعْرَاضِ، وَنَصِيبٌ مِنَ الْجَرْأَةِ وَالْإِقْدَامِ، فَمَلَكَ قَلْبَهُ، وَسَبَى عَقْلَهُ وَأَطْفَأَ نُورَهُ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ حُجُبَهُ فَلَمْ تَنْفَعْ فِيهِ تَذْكِرَةٌ، وَلَا نَجَحَتْ فِيهِ مَوْعِظَةٌ، فَرُبَّمَا جَاءَهُ الْمَوْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَسَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْمُرَادُ، وَلَا عَلِمَ مَا أَرَادَ، وَإِنْ كَرَّرَ عَلَيْهِ الدَّاعِي وَأَعَادَ.
قَالَ: وَيُرْوَى أَنَّ بَعْضَ رِجَالِ النَّاصِرِ نَزَلَ الْمَوْتُ بِهِ، فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ: النَّاصِرُ مَوْلَايَ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ، فَأَعَادَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَصَابَتْهُ غَشْيَةٌ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: النَّاصِرُ مَوْلَايَ، وَكَانَ هَذَا دَأْبَهُ كُلَّمَا قِيلَ لَهُ قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: النَّاصِرُ مَوْلَايَ، ثُمَّ قَالَ لِابْنِهِ: يَا فُلَانُ، النَّاصِرُ إِنَّمَا يَعْرِفُكَ بِسَيْفِكَ، وَالْقَتْلَ الْقَتْلَ، ثُمَّ مَاتَ.
قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَقِيلَ لِآخَرَ - مِمَّنْ أَعْرِفُهُ - قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَجَعَلَ يَقُولُ: الدَّارُ الْفُلَانِيَّةُ أَصْلِحُوا فِيهَا كَذَا، وَالْبُسْتَانُ الْفُلَانِيُّ افْعَلُوا فِيهِ كَذَا.
وَقَالَ: وَفِيمَا أَذِنَ أَبُو طَاهِرٍ السَّلَفِيُّ أَنْ أُحَدِّثَ بِهِ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَقِيلَ لَهُ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ بِالْفَارِسِيَّةِ: دَهْ يَازَدَهْ دَهْ وَازَدَهْ، تَفْسِيرُهُ: عَشْرٌ بِأَحَدَ عَشَرَ.
وَقِيلَ لِآخَرَ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ:
أَيْنَ الطَّرِيقُ إِلَى حَمَّامِ مِنْجَابِ
قَالَ: وَهَذَا الْكَلَامُ لَهُ قِصَّةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ وَاقِفًا بِإِزَاءِ دَارِهِ، وَكَانَ بَابُهَا يُشْبِهُ بَابَ هَذَا الْحَمَّامِ، فَمَرَّتْ بِهِ جَارِيَةٌ لَهَا مَنْظَرٌ، فَقَالَتْ: أَيْنَ الطَّرِيقُ إِلَى حَمَّامِ مِنْجَابِ؟ فَقَالَ: هَذَا حَمَّامُ مِنْجَابِ، فَدَخَلَتِ الدَّارَ وَدَخَلَ وَرَاءَهَا، فَلَمَّا رَأَتْ نَفْسَهَا فِي دَارِهِ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ قَدْ خَدَعَهَا، أَظْهَرَتْ لَهُ الْبُشْرَى وَالْفَرَحَ بِاجْتِمَاعِهَا مَعَهُ، وَقَالَتْ لَهُ: يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَعَنَا مَا يَطِيبُ بِهِ عَيْشُنَا وَتَقَرُّ بِهِ عُيُونُنَا، فَقَالَ لَهَا: السَّاعَةَ آتِيكِ بِكُلِّ مَا تُرِيدِينَ وَتَشْتَهِينَ، وَخَرَجَ وَتَرَكَهَا فِي الدَّارِ وَلَمْ يُغْلِقْهَا، فَأَخَذَ مَا يَصْلُحُ وَرَجَعَ، فَوَجَدَهَا قَدْ خَرَجَتْ وَذَهَبَتْ، وَلَمْ تَخُنْهُ فِي شَيْءٍ، فَهَامَ الرَّجُلُ وَأَكْثَرَ الذِّكْرَ لَهَا، وَجَعَلَ يَمْشِي فِي الطُّرُقِ وَالْأَزِقَّةِ وَيَقُولُ:
يَا رُبَّ قَائِلَةٍ يَوْمًا وَقَدْ تَعِبَتْ ... كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى حَمَّامِ مِنْجَابِ؟
فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا يَقُولُ ذَلِكَ، إِذَا بِجَارِيَتِهِ أَجَابَتْهُ مِنْ طَاقٍ:
هَلَّا جَعَلْتَ سَرِيعًا إِذْ ظَفِرْتَ بِهَا ... حِرْزًا عَلَى الدَّارِ أَوْ قُفْلًا عَلَى الْبَابِ
فَازْدَادَ هَيَمَانُهُ وَاشْتَدَّ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى كَانَ هَذَا الْبَيْتُ آخِرَ كَلَامِهِ مِنَ الدُّنْيَا.

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست