responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 165
أَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ مَظِنَّةُ كُلِّ شَرٍّ وَخُبْثٍ، وَهُوَ جَدِيرٌ أَنْ لَا يَجِيءَ مِنْهُ خَيْرٌ أَبَدًا، لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ نُطْفَةٍ خَبِيثَةٍ، وَإِذَا كَانَ الْجَسَدُ الَّذِي تَرَبَّى عَلَى الْحَرَامِ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ، فَكَيْفَ بِالْجَسَدِ الْمَخْلُوقِ مِنَ النُّطْفَةِ الْحَرَامِ؟
قَالُوا: وَالْمَفْعُولُ بِهِ شَرٌّ مِنْ وَلَدِ الزِّنَى، وَأَخْزَى وَأَخْبَثُ وَأَوْقَحُ، وَهُوَ جَدِيرٌ أَنْ لَا يُوَفَّقَ لِخَيْرٍ، وَأَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَكُلَّمَا عَمِلَ خَيْرًا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَا يُفْسِدُهُ عُقُوبَةً لَهُ، وَقَلَّ أَنْ تَرَى مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي صِغَرِهِ إِلَّا وَهُوَ فِي كِبَرِهِ شَرٌّ مِمَّا كَانَ، وَلَا يُوَفَّقُ لِعِلْمٍ نَافِعٍ، وَلَا عَمَلٍ صَالِحٍ، وَلَا تَوْبَةٍ نَصُوحٍ.
وَالتَّحْقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ: إِنْ تَابَ الْمُبْتَلَى بِهَذَا الْبَلَاءِ وَأَنَابَ، وَرُزِقَ تَوْبَةً نَصُوحًا وَعَمَلًا صَالِحًا، وَكَانَ فِي كِبَرِهِ خَيْرًا مِنْهُ فِي صِغَرِهِ، وَبَدَّلَ سَيِّئَاتِهِ بِحَسَنَاتٍ، وَغَسَلَ عَارَ ذَلِكَ عَنْهُ بِأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ، وَغَضَّ بَصَرَهُ وَحَفِظَ فَرْجَهُ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَصَدَقَ اللَّهَ فِي مُعَامَلَتِهِ، فَهَذَا مَغْفُورٌ لَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، وَإِذَا كَانَتِ التَّوْبَةُ تَمْحُو كُلَّ ذَنْبٍ، حَتَّى الشِّرْكَ بِاللَّهِ وَقَتْلَ أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَالسِّحْرَ وَالْكُفْرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا تَقْصُرُ عَنْ مَحْوِ هَذَا الذَّنْبِ، وَقَدِ اسْتَقَرَّتْ حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ عَدْلًا وَفَضْلًا أَنَّ: «التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» ، وَقَدْ ضَمِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِمَنْ تَابَ مِنَ الشِّرْكِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَالزِّنَى، أَنَّهُ يُبَدِّلُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ، وَهَذَا حُكْمٌ عَامٌّ لِكُلِّ تَائِبٍ مِنْ ذَنْبٍ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 53] .
فَلَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ، وَلَكِنْ هَذَا فِي حَقِّ التَّائِبِينَ خَاصَّةً.
وَأَمَّا الْمَفْعُولُ بِهِ إِنْ كَانَ فِي كِبَرِهِ شَرًّا مِمَّا كَانَ فِي صِغَرِهِ؛ لَمْ يُوَفَّقْ لِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ، وَلَا لِعَمَلٍ صَالِحٍ، وَلَا اسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَ، وَلَا أَبْدَلَ السَّيِّئَاتِ بِالْحَسَنَاتِ، فَهَذَا بَعِيدٌ أَنْ يُوَفَّقَ عِنْدَ الْمَمَاتِ لِخَاتِمَةٍ يَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ، عُقُوبَةً لَهُ عَلَى عَمَلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُعَاقِبُ عَلَى السَّيِّئَةِ بِسَيِّئَةٍ أُخْرَى، وَتَتَضَاعَفُ عُقُوبَةُ السَّيِّئَاتِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، كَمَا يُثِيبُ عَلَى الْحَسَنَةِ بِحَسَنَةٍ أُخْرَى.
إِذَا نَظَرْتَ إِلَى حَالِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُحْتَضِرِينَ وَجَدْتَهُمْ يُحَالُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ حُسْنِ الْخَاتِمَةِ، عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمُ السَّيِّئَةِ.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِشْبِيلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَاعْلَمْ أَنَّ لِسُوءِ الْخَاتِمَةِ - أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا - أَسْبَابًا، وَلَهَا طُرُقٌ وَأَبْوَابٌ، أَعْظَمُهَا

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست