responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 158
وقال الإمام الطبري تعليقاً على هذا الحديث: ((والذي فيه من ذلك الدلالة على صحة قول من قال: لا بأس على الرجل المسلم إذا رأى بعض ما يتخذه أهل الكفر وأهل الفسوق والفجور من الأشياء التي يعصى الله بها، مما لا يصلح لغير معصية الله به، وهو بهيئته، وذلك مثل الطنابير والعيدان والمزامير والبرابط والصنوج التي لا معنى فيها، وهي بهيئتها، إلا التلهي بها عن ذكر الله، والشغل بها عما يحبه الله إلى ما يسخطه، أن يغيره عن هيئته المكروهة التي يعصى الله به وهو بها، إلى خلافها من الهيئات التي يزول عنه معها المعنى المكروه، والأمر الذي يصلح معه لأهل معاصي الله العصيان به. وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عليا بكسر الصنم الذي كانت قريش وضعته فوق الكعبة، ومعلوم أن الصنم لا معنى فيه، إذ كان تمثالا من صفر، أو نحاس أو غير ذلك، إلا كفر من يكفر بالله بعبادته إياه، وتعظيمه له، والسجود له من دون الله تعالى ذكره، من غير أن يكون للصنم في ذلك من فعله إرادة، ولا دعاء إليه، ولا علم بما يفعل به، إذ كان جمادا لا يعقل، ولا يفقه ولا يسمع ولا يبصر، ولا شيء فيه إلا الهيئة التي هيئت، والصورة التي صورت لمعصية الله بها، والكفر بالله من أجلها. والجوهر الذي ذلك فيه، لا شك أنه يصلح، إذا غير عنه ما هو به من الهيئة المكروهة، لكثير من منافع بني آدم الحلال غير الحرام. فإذا كان أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا بكسره وتغييره عن هيئته المكروهة التي يعصى الله به من أجلها، إنما كان لما وصفت، مع الأسباب التي ذكرت، فمعلوم أن ما ذكرت من الطنابير والعيدان والمزامير، وما أشبه ذلك من الأشياء التي يعصى الله باللهو بها، أولى وألزم للمرء المسلم تغييرها عن هيئتها المكروهة التي يعصى الله بها، إذ كان فيها الأسباب التي توجب للاهي بها سخط الله وغضبه، من تغيير التماثيل التي هي أصنام لا شيء فيها إلا ما يحدثه أهل الكفر في أنفسهم من الكفر بالله بسجودهم لها، وتعظيمهم إياها، عن هيئتها بكسرها، إذا أمن على نفسه من أن تنال بما لا قبل لها به. وبنحو الذي قلنا في ذلك وردت الآثار عن السلف الماضين من علماء الأمة، وعمل به التابعون لهم بإحسان)) [1].
ثالثًا: الإجماع
1 - قال الإمام النووي - في شرح مسلم - ((قَالَ الْعُلَمَاء: وَلَا يَخْتَصُّ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر بِأَصْحَابِ الْوِلَايَات بَلْ ذَلِكَ جَائِز لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ: وَالدَّلِيل عَلَيْهِ إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ غَيْر الْوُلَاة فِي الصَّدْر الْأَوَّل، وَالْعَصْر الَّذِي يَلِيه كَانُوا يَأْمُرُونَ الْوُلَاة بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنْ الْمُنْكَر، مَعَ تَقْرِير الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُمْ، وَتَرْكِ تَوْبِيخهمْ عَلَى التَّشَاغُل بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر مِنْ غَيْر وِلَايَة. وَاَللَّه أَعْلَم.)) [2].
وهذا كلام عام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل درجاته لم يخصص إمام الحرمين نوعاً منها.

[1] - تهذيب الآثار للطبري - (ج 4 / ص 392) و عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (ج 14 / ص 243)
[2] - شرح مسلم (2/ 23) وشرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 131)
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست