responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 156
إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِىَ وَتَابَعَ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نُقَاتِلُهُمْ قَالَ «لاَ مَا صَلَّوْا». أَىْ مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ وَأَنْكَرَ بِقَلْبِهِ.] [1].
فهذا الحديث يوضح أنه في حالة وجود أمراء تقع منهم المخالفات لشرع الله فإن سلامة المسلم في دينه تتحقق بالإنكار عليهم، والإنكار هنا عام يدخل فيه التغيير باليد واللسان والقلب. وإليك ما قاله الإمام النووي في شرح هذا الحديث، قال -رحمه الله-: ((مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ الْمُنْكَر فَقَدْ بَرِئَ مِنْ إِثْمه وَعُقُوبَته، وَهَذَا فِي حَقّ مَنْ لَا يَسْتَطِيع إِنْكَاره بِيَدِهِ لَا لِسَانه فَلْيَكْرَهْهُ بِقَلْبِهِ، وَلْيَبْرَأْ.
وَأَمَّا مَنْ رَوَى (فَمَنْ عَرَفَ فَقَدْ بَرِئَ) فَمَعْنَاهُ - وَاَللَّه أَعْلَم - فَمَنْ عَرَفَ الْمُنْكَر وَلَمْ يَشْتَبِه عَلَيْهِ؛ فَقَدْ صَارَتْ لَهُ طَرِيق إِلَى الْبَرَاءَة مِنْ إِثْمه وَعُقُوبَته بِأَنْ يُغَيِّرهُ بِيَدَيْهِ أَوْ بِلِسَانِهِ، فَإِنْ عَجَزَ فَلْيَكْرَهْهُ بِقَلْبِهِ.)) [2].
فيتبين من ذلك أن الرجل المسلم له أن يغير منكرات الأمراء بيده أو لسانه فإن عجز فبقلبه وإن كان المنكر عليه هو الأمير فهل يسوغ مع ذلك أن يُقال: إنه لا تغيير باليد إلا للأمراء والحكام؟!
الحديث الرابع: عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَقَعُ فِيهِ فَيَنْهَاهَا فَلاَ تَنْتَهِى وَيَزْجُرُهَا فَلاَ تَنْزَجِرُ - قَالَ - فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَشْتِمُهُ فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِى بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ فَلَطَخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ «أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلاً فَعَلَ مَا فَعَلَ لِى عَلَيْهِ حَقٌّ إِلاَّ قَامَ». فَقَامَ الأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا صَاحِبُهَا كَانَتْ تَشْتِمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلاَ تَنْتَهِى وَأَزْجُرُهَا فَلاَ تَنْزَجِرُ وَلِى مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَكَانَتْ بِى رَفِيقَةً فَلَمَّا كَانَتِ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتِمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِى بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلاَ اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ» [3].
فهذا الحديث يدل على أن هذا الرجل وجد منكراً وحاول أن يغيره باللسان والوعظ والنصح فلم تنته صاحبته، فما كان منه إلا أن غير بيده وكان التغيير باليد هنا هو استعمال السيف؛ لأن منكر هذه المرأة لا يزول بأقل من هذا فقتلها دون إذن من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلما عَلِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرَّه على ذلك.

[1] - أخرجه مسلم (1854) و صحيح مسلم برقم (4906) وأبو داود (4760) والترمذي (2265) وأحمد (6/ 302،305،321).
[2] - شرح صحيح مسلم (12/ 243) و شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 327)
[3] - سنن أبى داود برقم (4363) و أخرجه أبو داود (4361) والنسائي (7/ 107 - 108) والحاكم (4/ 354) وهو صحيح
المغول: شبه سيف قصير
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست