responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 60
التي ابتدعوها" أو متصلًا بمعنى: ما كتبناها عليهم إلا لأنهم ابتغوا بها رضوان الله.. فإن الآية تسجل عليهم أنهم هم الذين ابتدعوها وليس الله هو الذي كتبها عليهم بادئ ذي بدء، أي: إن عيسى عليه السلام لم يأمرهم بها ولم يقل لهم إن الله يريدها منهم. ولكنهم هم تطوعوا بها -متأثرين بتعاليم المسيح أو مؤولين لها على هذا النحو- فقبل الله منهم ما تطووا به ما داموا قد ابتغوا به رضوان الله.
ولكن أيا كان الدافع لهم على ابتداع الرهبانية: التأثر بتعاليم السيد المسيح أو تأويلها على نحو معين كما أول الصوفية الآيات والأحاديث الواردة في ذم الدنيا فجعلوها ذما مطلقًا وفي كل الحالات، بينما هي واردة في ذم الدنيا حين تصد عن الإيمان بالله أو تصد عن الجهاد في سبيل الله..
نقول أيا كان الدافع، فإن الرهبانية مضادة لدفعة الحياة السوية التي خلقها الله لتعمل لا لتكبت وتحجز عن الحركة والنشاط. فقد جعل الله الإنسان خليفة في الأرض وكلفه عمارتها:
{هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [1].
ومن أجل القيام بأمر الخلافة أي: الهيمنة والإشراف والتمكن، ومن أجل القيام بعمارة الأرض، أودع الله الفطرة مجموعة من الدوافع المحركة إلى العمل والنشاط..
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [2].
وصحيح أن الله سبحانه وتعالى لا يحب لعباده أن ينطلقوا إلى آخر المدى مع هذه الشهوات؛ لأنها عندئذ لا تكون معينًا على الخلافة الراشدة ولا على عمارة الأرض على النحو اللائق بالإنسان، بل تكون شاغلًا من الارتفاع وداعيًا إلى الهبوط إلى مستوى الحيوان، وعندئذ يكون الإنسان أضل من الحيوان:
{أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [3].
وصحيح أن الله أحب لعباده أن يتخففوا من متاع الأرض ليفرغوا إلى القيم العليا الجديرة بالإنسان، ووعدهم على ذلك الجنة، وجعل ذلك هو الابتلاء الذي

[1] سورة هود: 61.
[2] سورة آل عمران: 14.
[3] سورة الأعراف: 179.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست