responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 425
للناس فرصة للإحساس بوجودهم فضلا عن أن يحسوا بأنهم يملكون شيئا على الإطلاق!
فجو الإرهاب الدائم الذي تمارسه الدولة على الشعب بحجة المحافظة على النظام من أعدائه، وجو الجاسوسية الذي يعيش فيه الشعب إلى حد أن الوالد لا يأمن ولده ولا الزوج يأمن زوجته ولا الأخ يأمن أخاه -ضمانا ألا يجتمع اثنان على سر خشية أن يكون السر مؤامرة على "النظام"- هذا الجو الذي يمكن أن يؤخذ فيه الإنسان بالظنة فيحاكم ويحكم عليه بالإعدام أو الاعتقال في ثلوج سيبيريا أو بأي عقوبة أخرى "رادعة".. هو جو لا يسمح بوجود "التعاطف" بين الشعب والدولة, ذلك التعاطف الذي يحس فيه أن الدولة نائبة عنه في الملكية والإشراف عليها.. فالنيابة لا تكون بالحديد والنار والتجسس ... إنما يخضع الشعب للدولة بعامل الإرهاب المسلط عليه، ويفقد في النهاية أي شعور بملكية شيء على الإطلاق! ولا يبقى له إلا شعوره بالحرمان!
ولا ينسى المصريون ما شاهدوه في أسوان أيام كان "الخبراء الروس" يعملون في السد العالي، فقد كانوا يعيشون بطبيعة الحال في جو مختلف عن النظام الذي ألفوه في روسيا، فكان أشد ما عجبت له زوجات أولئك "الخبراء" أن الشراء حر في الأسواق، وأن الإنسان يستطيع أن يشتري بقدر ما يريد، أو بقدر ما تتسع نقوده.. فكن يذهبن إلى بائعي الخضر والفواكه فيسألن في عجب: هل نستطيع أن نأخذ بقدر ما نريد؟! فإذا قيل لهن: نعم! لم يصدقن! حتى وجدن بالممارسة الفعلية أن ذلك ممكن بالفعل!
وليست المسألة هي العجب من اختلاف النظام، فهذا أمر طبيعي، وكل إنسان يفاجأ بنظام يختلف عما ألفه وتعود عليه سيعجب في بادئ الأمر حتى يألف، ولكن المسألة هي اللهفة على الشراء، ودلالتها على مدى الإحساس بالحرمان، والفرحة الغامرة بالتخلص من هذا الحرمان ولو إلى أمد محدود! وتكفي هذه التجربة الواقعية للكشف عن حقائق كثيرة في آن واحد، عن الملكية الفردية والملكية الجماعية ... وعن النظام!
على أن الذي يعنينا هنا ليس هو البحث في مدى تحقق تلك الأسطورة التي يطلق عليها اسم "الملكية الجماعية" حين تكون الدولة هي المالك الحقيقي ويكون الشعب كله محروما من الملكية! إنما الذي يعنينا أكثر هو الأسطورة

نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 425
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست