responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 387
الداعية فيلغي سلطان الأغنياء المتجبرين، لا على أساس الحق الطبقي، ولكن على أساس الحق والعدل الأزليين، فلا يزيل "طبقة" ويحل محلها "طبقة"، ولا يعطي السلطان للفقراء بوصفهم فقراء, بل ينزع السلطان من البشر جميعا، أغنيائهم وفقرائهم على السواء ويرده إلى الله، ويقدم شريعة يخضع لها الناس جميعا حكاما ومحكومين، ليست من صوغ هؤلاء ولا هؤلاء، شريعة تتعامل مع "الإنسان" من حيث هو إنسان، فتلبي جميع احتياجاته الروحية والفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والخلقية، وترسم له المنهج المتكامل الذي تستقيم به الحياة وتتوازن وتترابط, على نحو غير مسبوق من قبل ولا ملحوق من بعد في كل ما كان من دساتير البشرية إلى اليوم.
وفي الوقت الذي كان "الدين" في كثير من بقاع الأرض أو في كل بقاع الأرض يرتبط في نفوس الناس بالخضوع والاستكانة -لا لله وحده المعبود الحق- بل لأوضاع ظالمة في المجتمع ما أنزل الله بها من سلطان, ويرعى الكهنة ورجال الدين هذا الذل وينمونه في نفوس الناس باسم الدين فيخضعونهم للمتجبرين من ذوي السلطان, يجيء هذا الداعية فيقول للناس إن من رضي بالظلم في الدنيا وهو قادر على إزالته أو الخروج من سلطانه فلا مكان له عند الله في الآخرة وله عذاب عظيم، ويصبح اسمهم "ظالمي أنفسهم": {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا، إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا، فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [1].
وفي الوقت الذي تهان فيه المرأة وتحتقر، يدعو إلى تكريمها ورعايتها ويبرز إنسانيتها.
وفي الوقت الذي يسام فيه الرقيق أقسى أنواع المهانة والخسف يدعو لتحرير الرقيق وحسن معاملته على أساس إنساني.
وفي الوقت ... وفي الوقت.. وفي الوقت..
ثم ليفسروا لنا كيف استطاع هذا الرجل أن يربي على هذه المبادئ أمة ...

[1] سورة النساء: 97-99.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 387
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست