responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 386
الصورة المخالفة للبيئة في أكثر سماتها، والمخالفة لكل حتميات التاريخ المزعومة؟!
أما نحن فنؤمن أنه من عند الله وأنه نزل بقدر من الله، في الوقت الذي اختاره الله.
وأما هم فإنهم لا يؤمنون بالله. فليفسروا لنا إذن هذه الظاهرة العجيبة في التاريخ!
فليفسروا لنا كيف ظهر رجل في تلك الصحراء في تلك الحقبة السحيقة من الزمن قبل أربعة عشر قرنا يدعو إلى عبادة الله الواحد بلا شريك، ونبذ الأرباب الزائفة كلها سواء كانت أصناما محسوسة, أو بشرا تضفي عليهم القداسة الزائفة فتسجد لهم الناس كالملوك والأباطرة، أو بشرا يشرعون للناس من عند أنفسهم بغير سلطان منزل من عند الله، أو عرفا جاهليا، أو وهما تبتدعه رءوس الناس وتتعبده بالوهم، ويحرر البشرية بذلك -في نصاعة وحسم- من حكم الطواغيت، ومن كل عبودية مذلة لكرامة الإنسان، برد العبودية إلى المعبود الحق الذي يكرم البشر بعبادته، وتتحرر عقولهم ووجدانهم ومشاعرهم كما يتحرر كيانهم كله، فينطلقون أحرارا في الأرض ينشرون الحق والعدل، ويحطمون الطواغيت المستبدة بالبشر في صورة نظم ودول وجيوش, ويقيمون مجتمعا إنسانيا يتمتع المؤمنون فيه بالأخوة الإنسانية على قدم المساواة، ويتمتع غير المؤمنين بهذا الدين بالعدل الرباني دون إكراه على اعتناق العقيدة.
وفي الوقت الذي كانت الديانات كلها -سواء كانت سماوية محرفة أو وثنيات من صنع البشر- تقيم بين البشر وربهم وسطاء من الكهنة و"رجال الدين" أو من الأصنام والأوثان، أو من الأرواح الخيرة أو الشريرة ... يجيء هذا الداعية فيلغي كل وساطة بين العبد والرب، ويربط القلب البشري بالله مباشرة بلا وسيط:
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [1].
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [2].
وفي الوقت الذي يتجبر فيه الأغنياء على الفقراء في كل الأرض يجيء هذا

[1] سورة غافر: 60.
[2] سورة البقرة: 186.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 386
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست