responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 384
فخضوع الأكثرية الساحقة من الناس لطغيان الطواغيت خلال التاريخ البشري ليس حتمية مادية ولا اقتصادية ولا تاريخية خارجة عن إرادة الناس.. إنما هو من عند أنفسهم. إنه واقع عاشته البشرية بالفعل في جاهليتها كلها، لا بسبب حتمي، ولكن نتيجة حتمية لعدم استقامتها على الطريق.
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [1].
على أن الحتميات المزعومة -بصورتها الديالكتيكية- ليست حقيقة حتى بالنسبة للجاهلية!
فقد تنبأ ماركس بحسب حتمياته أن بريطانيا ستكون أول دولة تقع في الشيوعية لأنها -على عهده- كانت أكثر الدول الرأسمالية تقدما، فتنبأ بأن الصراع الطبقي "سينضج" فيها قبل غيرها فيحولها إلى الشيوعية.
ويعلم الناس في كل الأرض أن بريطانيا ما زالت حتى هذه اللحظة "في عام 1983م" دولة رأسمالية، كما أن وريثتها التي ورثتها في التقدم الصناعي الرأسمالي -وهي أمريكا- دولة رأسمالية كذلك.
وقال ماركس وحواريوه إن المراحل التاريخية حتمية، وترتيبها كذلك حتمي. وإنه لا يمكن لأي مجموعة من البشر أن تسبق طورها التاريخي؛ لأن كل طور له أداة مادية أو اقتصادية يتم التحول عن طريقها، فلا يمكن التحول دون وجود هذه الأداة، فلا بد أن يمر البشر بالمراحل التاريخية الخمس بصورة حتمية: من الشيوعية الأولى إلى الرق إلى الإقطاع إلى الرأسمالية إلى الشيوعية الثانية.
ويعلم الناس في كل الأرض أن أكبر دولتين شيوعيتين وهما روسيا والصين قد قفزتا مباشرة من مرحلة الإقطاع إلى مرحلة الشيوعية دون وجود أداة التحول التاريخية وهي الصراع الطبقي بين العمال وأصحاب رءوس الأموال, وأن كلتا الدولتين لم تدخل المرحلة الصناعية إلا بعد دخولها في الشيوعية!
أين الحتميات إذن؟!
إنما هي من أولها لآخرها قصة مدعاة، للإيحاء للناس بأن الشيوعية هي النهاية الحتمية لكل البشرية، فخير لهم أن يدخلوها طائعين بدلا من أن يدخلوها كارهين!
ومن أجل هذا الهدف الدعائي البحت تختلق التفسيرات "العلمية" وتلفق النظريات!

[1] سورة الأعراف: 97.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 384
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست