responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 383
السيطرة على النحو الذي تم في الرأسمالية الغربية اليهودية, ولم يكن ذلك ليحدث -بهذه الآلة ذاتها- لو أن شريعة الله كانت هي الحاكمة في حياة الناس، إنما كان الوضع الفكري والروحي الناشئ من اعتناق الناس للعقيدة الصحيحة وتحاكمهم إلى الشريعة الصحيحة يحدث -بتلك الآلة ذاتها- وضعا ماديا واقتصاديا مختلفا عن الوضع الرأسمالي، على الأقل بالقدر الذي استطاعت به العقيدة الشيوعية والفكر الشيوعي أن يحدث -بالآلة نفسها- وضعا ماديا واقتصاديا مغايرا للوضع الرأسمالي!! ولا عبرة بالقول إن الشيوعية لم تنشأ إلا من تناقضات الرأسمالية، فإن الذي حدث بالفعل هو أن تطبيق الشيوعية في روسيا لم ينشأ من تناقضات الرأسمالية هناك، إنما نشأ -بصرف النظر عن التخطيط اليهودي- من "اعتناق" الناس للعقيدة الشيوعية، ذلك أن روسيا قد قفزت رأسا من الإقطاع إلى الشيوعية!
كلا! ليست هي الحتمية المادية وإنما هو "الإنسان"! الإنسان بكامله..
وصحيح كما أسلفنا أن الإنسان يواجه دائما ضغوطا من الكون المادي ومن الأوضاع المحيطة به، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية.. إلخ, ولكنه في النهاية هو الذي يقرر ... يقرر أن يخضع للضغوط ويستنيم لها أو يتمرد عليها ويسعى إلى تغييرها، وهو يقرر ذلك دائما على هدى "العقيدة" التي يعتقدها، وسواء كانت عقيدة صحيحة أو فاسدة.
وقد لا يستطيع في كل حالة أن يغير كل الأوضاع بالعقيدة التي يعتقدها. ولكن ذلك لا يرجع إلى كون العقيدة لا وزن لها ولا اعتبار، ولا إلى كونها هي نابعة من الوضع المادي والاقتصادي القائم، متأثرة به غير مؤثرة فيه، لاحقة له غير سابقة عليه كما يزعم التفسير المادي للتاريخ، إنما الأسباب ترجع في مجموعها إلى "الإنسان" ذاته: هل هو صادق في اعتناق هذه العقيدة؟ وإلى أي مدى من الصدق؟ وهل عنده العزيمة اللازمة لتحقيق متطلبات تلك العقيدة، أم إن شهوات الأرض وثقلة الارض أثقل في حسه من متطلبات العقيدة؟.. ومن الشهوات شهوة الحرص على الحياة وعدم تعريض النفس للأخطار، وشهوة حب السلامة والأمن والاستقرار, وهي الشهوات الغالبة على أكثر الناس في الأرض، وهي التي تؤدي بهم إلى الوقوع في الجاهلية، والخضوع -من ثم- لطغيان الطواغيت.

نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 383
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست