نام کتاب : لمحات في الثقافة الإسلامية نویسنده : عمر عودة الخطيب جلد : 1 صفحه : 298
11- وإذا كان هؤلاء الشهداء قد سبقوا إلى منازل الكرامة في غبطة وأنس ورضى، فإنهم كذلك مشغولون بمن وراءهم من إخوانهم المجاهدين الصادقين، لم ينفصلوا عنهم، ولم تنقطع صِلَاتهم بهم، يستبشرون بأولئك الذين لم يقتلوا بعدُ في سبيل الله فيلحقوا بهم من خلفهم، لقد تركوهم وراءهم أحياء تتطلع نفوسهم إلى شرف الشهادة، وبلوغ منازل الكرامة عند الله، ولذا فهم مستبشرون لهم لما استيقنوا من رضى الله عنهم؛ بحيث لم يلقوا عنده سبحانه ما يخيفهم وما يحزنهم، ما داموا ثابتين على الحق، صادقين في الجهاد متطلعين إلى الاستشهاد. إنهم جميعًا -من سَبق إلى جوار الله ومن يَنْتظر- يُنَعَّمُون بما منَّ الله به عليهم من زيادة الكرامة والنعيم، وفيض الثواب الكريم والأجر العميم.
قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [1].
هذا هو التصور الحق لمعنى الحياة والموت، إنه التصور الذي ينقل المؤمنين تلك النقلة البعيدة الرائعة التي تتخطى هذه الحياة العاجلة الفانية، لتستقر أرواحهم في آفاق الكرامة والنعيم، وتطمئن في رحاب الرضى والأنس في دار الخلود.
12- وفي ظلال هذا التصور وإيحائه الرائع يأتي التنويه الكريم بأولئك المؤمنين [1] آل عمران: "169-171".
نام کتاب : لمحات في الثقافة الإسلامية نویسنده : عمر عودة الخطيب جلد : 1 صفحه : 298