responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 94
ويبطل طغيانهم، وهو الذي يقول للشيء كن فيكون: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (النحل:40) ولكن سنته اقتضت أن يجعل تدميرهم على أهل الحق، بعون الله وتأييده، وأن يكون هذا بالنسبة لأهل الحق جزءاً من الابتلاء المقدر لهم في سنة الله، وتشريفاً لهم ورفعة في ذات الوقت: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} (محمد: 4) . {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الأنفال: 17) .
وهذا الأمر وهو مجاهدة الباطل ودفعه من أجل إصلاح الأرض وحفظها من الفساد هو القمة التي يصل الإنسان إليها في الحياة الدنيا، وهو في الوقت ذاته ذروة سنام الإسلام: «ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟ قلت (والكلام لمعاذ بن جبل رضي الله عنه) ، بلى يا رسول الله. قال: رأس الأمر الإسلام، وعمود الصلاة، وذروة سنامه الجهاد» [1] .
وهو أمر يحتاج إلى تربية طويلة وإعداد. إعداد نفسي وروحي قبل الإعداد الجسمي والمادي، وهو مستوى من مستويات التربية لا يتم حتى يكون الإنسان قد مر بالمستويين السابقين، فهو في حاجة إلى الصلابة النفسية التي ترتكز بدورها على ضبط الشهوات، وهكذا تتدرج التربية في مستوياتها الثلاثة بدءاً بالتدريب على ضبط الشهوات وتعويد النفس على الانضباط، مروراً باكتساب الصلابة بترسيخ القيم العليا في بنية النفس، وصولاً إلى الاستعداد للجهاد والصبر على تكاليفه في النفس والمال.
ثم هنالك مستوى أخير، لا بد أن نشير إليه في حديثنا عن خير القرون، خاصة جيل الصحابة رضوان الله عليهم، هو مستوى التطوع النبيل، الذي يتجاوز الواجبات والمفروضات، ويرتقي إلى المندوبات والمستحبات فيجعلها كالواجبات والمفروضات، بغير إلزام من الله ورسوله، ولكن حباً لله ورسوله، وعبادة خالصة لله ابتغاء مرضاته، وهو مستوى بلغ الذروة فيه ذلك الجيل الفريد الذي رباه رسول الله

[1] أخرجه الترمذي.
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست