responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 89
صلى الله عليه وسلم، وعن شخصية المربي الأعظم الذي ربى تلك القاعدة، نقول كذلك كلمة مجملة عن نوعية الرجال الذين قامت القاعدة على أكتافهم:
{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (الأنعام:124) .
إن اختيار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، وللأرض التي تنطلق منها الرسالة، وللقوم الذين يتلقون الرسالة أول مرة، وراءه ولا شك حكمة بالغة، فقد اختار الله لرسالته الخاتمة أعظم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، واختار أرضاً يعلم الله أنها أنسب أرض تنطلق منها الرسالة الخاتمة. أرض لا مطمع فيها في ذلك الوقت، لدولة من الدول العظمى التي تحكم الأرض يومئذ، لأنها صحراء جرداء، فتنشأ الجماعة المؤمنة وتتمكن، دون أن تتدخل سلطة خارجية لكبتها أو إضعافها، أو تعويقها عن مهمتها، حتى إذا تنبهت الدول ((العظمى)) لخطرها، وأرادت أن تتصدى لها، كانت قد أنشأت دولتها، وأنشأت قوتها الضاربة التي ترهب بها الأعداء.
أما البشر في هذه الأرض، فقد علم الله كذلك أنهم أصلح من يحمل هذه الرسالة، وينطلق بها في الآفاق. وثنيون. نعم. مشركون. نعم. لد الخصومة. نعم. شديدو الجدال. نعم. ولكنهم من وراء ذلك كله، أسلم فطرة من شعوب الأرض الأخرى، التي أفسدتها الحضارة الجاهلية بترفها ورخاوتها وإخلادها إلى الأرض، وانتشار المباذل فيها، كما كانت الإمبراطوريتان ((العظيمتان!)) عن يمين الجزيرة وشمالها: فارس والروم، فضلاً عن استخذاء شعوبها لسطوة الحاكم المقدس الذي تخنع له الرقاب، ويتعامل مع شعبه تعامل السيد مع العبيد، فيطغى السيد ويخضع العبيد.
لقد كانت الجاهلية العربية قد أفسدت ولا شك نفوس العرب المشركين. ولكنه كما ثبت في الواقع - فساد في القشرة، لم يتوغل إلى صميم الفطرة، فما إن أزالت العقيدة الجديدة هذه القشرة الفاسدة، حتى اتصلت رأساً بعناصر الخير المذخورة في الفطرة، فأحدثت الأعاجيب.
وفيما عدا الكفار الذين أصروا على كفرهم، وقاتلوا هذا الدين بضراوة حتى قتلوا، فإن النفوس التي استجابت، قد استجابت استجابة رائعة، لا مثيل لها في

نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست