responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 144
كان واقعاً على أهل المدينة، الذين سارعوا إلى الاستجابة، والذين قام عليه الصلاة والسلام بتربيتهم بمعاونة القاعدة الصلبة من المهاجرين والأنصار، الذين صاروا الآن هم الدعاة وهم الموجهين، وهم المربين، تحت إشراف المربي الأعظم صلى الله عليه وسلم. وأهل المدينة هؤلاء هم الذين جاهدوا وثبتوا وصبروا على تكاليف الجهاد، وكانوا - مع المهاجرين والأنصار - هم الركيزة الحقيقية للدعوة في كل أطوارها المقبلة، بينما تأخر التوجه إلى الفئتين الأخريين إلى مرحلة تالية. وهذا هو الأمر المنطقي مع سير الدعوة، ومع حقيقة المعركة، وطبيعة الصراع.
إن الصراع بين الحق والباطل لا بد أن يقع - سنة من سنن الله - منذ اللحظة التي يوجد فيها للحق رجال يؤمنون به ويعملون على نشره وتمكينه في الأرض. فالجاهلية لا يمكن - بحال من الأحوال - أن تصير على دعوة الحق، ولا أن تهادنها، ولو لم تتعرض لها الدعوة على الإطلاق: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} (الأعراف: 87-88) .
هكذا! لا مهادنة، ولا صبر حتى يحكم الله بما يشاء! وإنما عدوان وإخراج، ومطاردة وإيذاء! فمن الذي يستجيب للدعوة في المراحل الأولى من ذلك الصراع الذي يدور بين الحق والباطل؟ أيستجيب الذين يبحثون عن المصالح الدنيوية، ويحسبون حساب الأرباح والخسائر بمقياس تلك المصالح؟ أيستجيب الذين يناقدون بطبيعة تركيبهم النفسي للأمر الواقع، ولو عرفوا ما فيه من السوء، ولا يتجهون إلى الأمر الذي يجب أن يقع، ولو عرفوا أنه خير من واقعهم الذي يعيشون فيه، لأنه يحتاج في تحقيقه إلى جهد، وهم لا يحبون بذل الجهد. ويعرضهم للأخطار، وهم لا يحبون أن يتعرضوا للأخطار؟!
إنما يستجيب في المراحل الأولى من الصراع، الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر. الذين يحسبون الكسب والخسارة بالميزان الرباني، لا بالميزان الأرضي الذي تزن به الجاهلية، ولا تعرف ميزاناً سواه:

نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست