responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 125
كبير من الأهمية، أو يصغر من شأنه، وهو أمر العقائد والقيم التي يدور من أجلها الصراع.
إن الصراع - بلغة العصر- هو صراع حضاري في حقيقته، صراع بين الحضارة السليمة والحضارة الفاسدة، بين الحضارة الإيمانية والحضارة الجاهلية، صراع شامل، يشمل كل جوانب النفس، وكل جوانب الحياة، وإن كان الصراع الحربي هو الذروة التي تحسم النتيجة، ولو إلى حين‌
لقد تغلب التتار في فترة في فترات التاريخ واكتسحوا الأرض، ولكنهم لم ينشئوا حضارة، بل الأجدر أن نقول: إنهم هدموا الحضارة وأنشئوا بدلاً منها طغياناً وكفراً. حتى قدر الله لهم أن يدخلوا في الإسلام.
ولقد تغلبت جيوش الغرب في التاريخ الحديث، واكتسحوا الأرض، ولكنهم لم ينشئوا حضارة حقيقية تستحق أن توجد، وتستحق أن تعيش، على الرغم من كل التقدم المادي والعلمي والتكنولوجي الذي يملكونه، بل نشروا في الأرض قانون الغاب: القوي يأكل الضعيف، أو يزيحه من الطريق، ونشروا الفساد العقدي والفساد الخلقي على أبشع صورة عرفتها جاهلية في التاريخ.
ليس الصراع الحربي هو حقيقة الصراع، أو قل - على أقل تقدير - ليس وحده هو حقيقة الصراع، إنما حقيقة الصراع هي القيم التي تقاتل من أجلها الجيوش، والتي ينشرها أصحابها حين تنتصر الجيوش وفي هذا يتميز الفتح الإسلامي عن كل الحركات التوسعية في التاريخ.
لم تكن شهوة التوسع، ولا شهوة امتلاك الأرض، ولا شهوة القهر والإذلال للآخرين هي التي حركت الجيوش العربية للفتح، إنما كان الهدف - بأمر من الله - هو نشر التوحيد في الأرض، وإزالة الجاهلية وطغيانها، لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين لله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (الأنفال: 39) .
هو كما قال ربعي بن عامر رضي الله عنه لقائد الفرس: إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.

نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست