والشفاعة إنما تطلب من الله تعالى؛ لأنه هو المالك لها سبحانه كما قال تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [1] .
وأما الشفاعة المثبتة فهى لا تثبت عند السلف إلا بشروط وهى:
الإذن للشافع بالشفاعة كما قال عز وجل: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [2] وقال تعالى: {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [3] .
الرضا عن المشفوع فيه. كما قال سبحانه: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [4] وقال: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [5] وعن ابن عباس – رضى الله عنهما - قال فى قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} قال:"الذين ارتضاهم بشهادة أن لا إله إلا الله" [6] .
وأما زعمهم دعوى تعارض أحاديث الشفاعة بحديث: "لا يدخل الجنة نمام … الحديث" وبحديث "من قتل نفسه بحديدة …" الحديث.
فقد سبق الجواب، بما يرفع التعارض، ويوفق بين النصوص [7] .
... وأما حملهم للحديث على أن المراد به شفاعة النبى صلى الله عليه وسلم، لأهل الكبائر إذا تابوا [8] ؛ فلا دليل لهم على ذلك. وهو مع أنه تأويل مناهض للنصوص الثابتة، ولا يدل عليه لفظ الحديث، فهو أيضاً معنى فاسد؛ لأن الذى يتوب من الذنب لا يوصف به بعد ذلك، بل يبدل الله [1] جزء من الآية 44 من سورة الزمر. [2] جزء من الآية 255 من سورة البقرة. [3] جزء من الآية 3 من سورة يونس. [4] الآية 26 من سورة النجم. [5] جزء من الآية 28 من سورة الأنبياء، وانظر: موقف المدرسة العقلية من السنة1/395-396 [6] أخرجه البيهقى فى البعث والنشور ص 55 رقم 2. [7] راجع: ص 782-784. [8] انظر: شرح الأصول ص 691.