.. وفى كتاب الله عز وجل، أدلة لا حصر لها تدل على: صحة المسلكين السابقين. ففى القرآن الكريم قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [1] . وقال: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [2] . وقال: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [3] . وقال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {إنا إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} [4] . وقال عز وجل {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [5] . فلو كان خبر الواحد غير مقبول لتعذر إبلاغ الشريعة إلى الكل ضرورة، لتعذر خطاب جميع الناس شفاها، وكذا تعذر إرسال عدد التواتر إليهم، وهو مسلك جيد [6] ، ينضم إلى المسلكين السابقين وبه قال الإمام الشافعى فى الرسالة [7] .
وقال الإمام الشافعى بعد ذكره قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} [8] . قال: فظاهر الحجج عليهم باثنين ثم ثالث، وكذا أقام الحجة على الأمم بواحد، وليس الزيادة فى التأكيد مانعة أن تقوم الحجة بالواحد إذ أعطاه الله ما يُباين به الخلق غير النبيين" [9] . [1] الآية الأولى من سورة نوح. [2] الآية 65من سورة الأعراف. [3] الآية 72 من سورة الأعراف. [4] الآية 163 من سورة النساء. [5] الآية 20 من سورة يس. [6] انظر: فتح البارى 13/248 رقم 7258 - 7260. [7] الرسالة ص 435 فقرة رقم 1201. [8] الآيتان 13، 14 من سورة يس [9] الرسالة ص 437 فقرة رقم 1213.