.. ثم خطا خطوة أخرى إلى الأمام فعاتب المحدثين، محملاً إياهم عدم تمحيص متون السنة مثل السند، فقال: "وإنا لنشكر للمحدثين جهودهم المبذولة فى هذا الشأن غير أن جل مساعيهم، بل كلها لم تتجاوز توثيق الرواة وعدمه، بينما أولئك الرواة كان قد مضى على وفاتهم زمن طويل، ثم أعقب ذلك دور التحقيق عنهم، بحيث يكون هو العمدة فى قبول الحديث ورده، فإن لم يكن هذا العمل مستحيلاً؛ فلا يخلو أن يكون أمراً فى غاية الصعوبة" [1] .
... ويقول فى المعنى نفسه: "وإنا لا ندرى عن الأحاديث التى وثقت أو وجهت الجهود إليها من حيث المضمون والمحتوى أم لا؟ وأى السبل سلكت فى ذلك" [2] .
... وأخيراً حاول السيد أن يجهز على السنة بوضعه الشروط التى يتعذر توفرها فى أغلب الأحاديث، يقول: فقال "والمعيار السليم لقبولها هو أن ينظر إلى إن المروى بمنظار القرآن فما وافقه أخذناه، وما لم يوافقه نبذناه …، وإن نسب شئ من ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فيجب فيه توفر شروط ثلاثة:
1- أن يكون الحديث المروى قول الرسول بالجزم واليقين.
2- أن توجد شهادة تثبت أن الكلمات التى أتى بها الراوى هى الكلمات النبوية بعينها.
3- ألا يكون للكلمات التى أتى بها الرواة معانٍ سوى ما ذكره الشراح، فإن تخلف أحد هذه الشروط الثلاثة؛ لم يصح نسبة القول إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أنه حديث من أحاديثه" [3] . [1] مقالات سير سيد1/23، وسيأتى الرد على هذا فى الجواب عن دعوى تقصير المحدثين فى نقدهم للمتن ص667-672. [2] مقالات سير سيد 1/23. [3] مقالات سير سيد 1/40.