وفى حديث أبى هريرة فى شأن المنافقين "فيقال للأرض: التئمى عليه، فتلتئم عليه فتختلف فيها أضلاعه، فلا يزال فيها معذباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك" [1] .
... ومنه الذى يدوم مدة ثم ينقطع وهو عذاب بعض العصاة، فإنهم يعذبون على قدر جرائمهم، ثم يخفف عنهم [2] .
... وبالتالى زعم القاضىّ عبد الجبار ومن قال بقوله: إن العذاب يؤخر إلى ما بين النفختين [3] ؛ زعم لا حقيقة له؛ لأن الأدلة السابقة تخالفه، والآية التى استدلوا بها دليل عليهم لا لهم، لأن المراد بالبرزخ هو الحاجز الذى بين الدنيا والآخرة، وهى فترة بقاء الناس فى قبورهم [4] .
... إن الله عز وجل جعل أمر الآخرة وما يتصل بها من حياة البرزخ أمراً غيبياً محجوباً عن المكلفين فى هذه الدار، لكمال حكمته سبحانه وتعالى، وليتميز المؤمنون بالغيب من غيرهم [5] .
... ولو أطلع الله العباد على عذاب القبر؛ لزالت حكمة التكليف، والإيمان بالغيب، ولما تدافن الناس، كما ثبت فى صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فلولا أن لا تدافنوا؛ لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذى أسمع منه [6] .
... ولما كانت هذه الحكمة منفية فى البهائم، سمعت ذلك وأدركته كما سبق فى الحديث [7] . إن الله عز وجل حجب بنى آدم، من رؤية كثير مما يحدث فى هذه الدنيا، فجبريل [1] جزء من حديث طويل أخرجه الترمذى فى سننه كتاب الجنائز، باب ما جاء فى عذاب القبر 3/383، 384 رقم 1071 وقال: حديث حسن غريب. [2] انظر: شرح العقيدة الطحاوية 2/139. [3] انظر: شرح الأصول ص 732. [4] انظر: تفسير القرآن العظيم 3/256. [5] انظر: الروح ص 89. [6] سبق تخريجه ص 829. [7] راجع: ص 824.