فقد جاء فى حديث البراء بن عازب فى شأن المؤمن: "فينادى مناد من السماء أن صدق عبدى، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من ريحها، وطيبها ويفسح له فى قبره" وقال فى الكافر: "فينادى مناد من السماء أن كذب عبدى فأفرشوه من النار، وافتحوا له باباً من النار، فيأتيه من حرها، وسمومها، ويضيق عليه قبره، حتى تختلف فيه أضلاعه …" الحديث [1] .
... فهذا نص صريح على وقوع النعيم أو العذاب بعد الدفن.
وفى الحديث عن زيد بن ثابت مرفوعاً: "إن هذه الأمة تبتلى فى قبورها. فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذى أسمع …، الحديث [2] .
... فقد دلت هذه الأحاديث وغيرها فى الصحيح كثير، على وقوع عذاب القبر بعد الدفن.
وهل يدوم ذلك إلى يوم القيامة أم ينقطع؟ الظاهر من النصوص، أن منه ما هو دائم إلى يوم القيامة، وهو عذاب الكفار، كما قال تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُواءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [3] وقال تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [4] .
قال الحافظ ابن حجر قال الطبرى: "الأغلب أن إحدى المرتين عذاب القبر، والأخرى تحتمل الجوع أو السبى أو القتل أو الإذلال أو غير ذلك" [5] . [1] أخرجه أبو داود فى سننه كتاب السنة، باب فى المسئلة فى القبر وعذاب القبر4/239رقم4753. [2] جزء من حديث طويل أخرجه مسلم "بشرح النووى" كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر … إلخ 9/218،219رقم2867. [3] الآية 46 من سورة غافر. [4] الآية 101 من سورة التوبة. [5] فتح البارى 3/276 رقم 1369 بتصرف يسير.