إن الإسلام إذ يقرر حرية العقيدة على ما سبق، لا يجبر أحد على الدخول فيه فإذا ارتضاه الإنسان بكامل إرادته وحريته واقتناعه، فعليه أن يلتزمه لأن الأمر في الدين جد، لا عبث فيه، لأنه بدخوله الإسلام أصبح عضواً في جماعة المسلمين له ما لهم، وعليه ما عليهم، وكأنه بهذا قد دخل مع جماعة المسلمين في عقد اجتماعي يقرر الإنتماء والولاء بكل ما لهما من حقوق وواجبات للفرد والأمة التي ينتمي إليها.... وبهذا العقد الاجتماعي يصبح الفرد وكأنه جزء من جسد الأمة على النحو الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بقوله: ((مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد. إذا اشتكي منه عضو، تداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمي.)) . (1)
فإذا عنَّ لأحدهم بعد ذلك أن يرتد ـ أعني أن يفارق الأمة التي كان عضواً فيها وجزءاً منها تمنحه ولائها وحمايتها، ويسعي إلي تمزيق وحدتها، إنه بهذا قد مارس ما يشبه (الخيانة الوطنية) في
المستوي السياسي.
وخيانة الوطن في السياسة جزائها الإعدام، ولن تكون أقل منها خيانة الدين! . (2)
ونتساءل بعد ذلك الإستعراض:
هل من حرية الفكر والإعتقاد أن يسلم رجل ليتزوج امرأة مسلمة، فإذا نال مبتغاه منها وتحولت عاطفته عنها رجع إلي دينه الأول....؟
أو هل من حرية الفكر أن يتصل شخص بأعداء أمته، وينقل إليهم أسرارها، ويتآمر معهم على مستقبلها؟
إنه لا بد من التفريق بين العبث بالدين أو خيانة الوطن وبين حرية الفكر! فالمسافة شاسعة بين المعنيين!
(1) أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم 8/ 384 رقم 2586، والبخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم 10/452 رقم 6011 من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
(2) القرآن والرسول ومقولات ظالمة للدكتور عبد الصبور مرزوق ص60- 62 بتصرف.