نام کتاب : شروط النهضة نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 56
ولكن المفكر الألماني لم يتردد في القول بأن الميلاد النفسي للحضارة المسيحية متوافق مع ظهور روح خلقي.
ولا شك أن كتابا آخرين لاحظوا هذه الملاحظة أيضا، بطريقة أو بأخرى، فالمؤرخ (هنري بيرين) قد لاحظ ذلك الارتباط بين بعث الدين وظهور الحضارة، في كتاب له عنوانه (محمد وشرلمان) قارن فيه بين الحضارتين الإسلامية والمسيحية.
فإن المؤلف المذكور يرى في شرلمان الشخصية التي بعثت مبدأ المسيحية في النفوس البكر، فأنبتت فيها الحضارة، تماما كما فعل الرسول من قبل.
وإنه لمن الأهمية التاريخية أن نلاحظ أن الروح المسيحية لم تجد طابعها الخاص في فن المعمار، إلا عندما تفاعلت هذه الفكرة مع القبائل الجرمانية، فتمثلت عبقريتها الفنية حينئذ في صورة (المعبد القوطي)، الذي يدل علو ارتفاعه على علو في الضمير الديني وطموح، ذلك الطموح الذي كان يهز أوربا من عهد الكارولنجيان [1] إلى عهد النهضة.
فلما بدأت هذه النهضة، خرجت حضارة أوروبا من مرحلة السمو الروحي إلى مرحلة التوسع العقلي، التي انطبعت بطابع (ديكارت)، والتوسع في البلاد الذي حققه (كرستوف كولومب) باكتشاف أمريكا. وعودة أخرى إلى كتاب (البحث التحليلي لأوروبا) توضع لنا هذا التطور، إذ يتحدث مؤلفه عن هذا التحول في الحضارة الأوروبية في قوله: " وكان أعظم ارتكاز حضارة أوروبا على روحها الدينية " ثم بعد ذلك يفسر لنا الروح كعامل اجتماعي فيقول: " ولست أعني بالروح ذلك الشيء الدال على منطق، أو عقل أو مبادىء مجردة، وإنما هو - بصفة عامة- ذلك الشعور القوي في الإنسان، والذي تصدر عنه مخترعاته وتصوراته وتبليغه لرسالته، وقدرته الخفية على إدراك الأشياء". [1] الفترة التاريخية للكارولنجيان من 687 - 987م.
نام کتاب : شروط النهضة نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 56