responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شروط النهضة نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 55
حفر الخندق حول المدينة في غزوة الأحزاب، أو الذي ضربه عمار بن ياسر حين كان يحمل حجرين على كاهله في بناء مسجد المدينة، حيث كان الفرد يحمل حجرا واحدا. ففي كلتا الحالتين نجد أن الإيمان هو الذي مهد الطريق للحضارة.
وبتأمل الحضارة المسيحية الحالية نجدها تسير سيرة الحضارة الإسلامية، التي سبقتها في الزمن، مهما يكن في هذا التقرير من غرابة- إذ من البين أن مولد المسيحية يسبق الاسلام بمراحل- ولكن التاريخ يؤيدنا فيما نذهب إليه. ذلك أنه يقرر: أن الحضارة تولد مرتين، أما الأولى: فميلاد الفكرة الدينية، وأما الثانية: فهي تسجيل هذه الفكرة في الأنفس. أي دخولها في أحداث التاريخ.
وإذا كانت المدنية الإسلامية قد جمعت المولدين في وقت واحد، فإن ذلك يعود إلى الفراغ الذي وجدته الفكرة الإسلامية في النفس العربية العذراء، التي لم تنشأ فيها ثقافة، ولا ديانة سابقة، فخلا لها بذلك الجو.
ولم يكن حظ الحضارة المسيحية في نفوس أهلها وبيئتها، كحظ الحضارة الإسلامية، فقد نشأت المسيحية في رسط فيه الخليط من الديانات، والثقافات العبرية، والرومانية، واليونانية، فلم يتح لها أن تدخل إلى قلوب الناس وسط الزحام الفكري الثقافي، لتؤثر فيها تأثيرا فعالاً. ولم يكتب لها أن تعمل عملها إلا عندما بلغت وسط البداوة الجرمانية في شمال أوربا، حيث وجدت النفوس الشاغرة، فتمكنت منها، وبعثت فيها الروح الفعالة، التي اندفعت بها لتكون حلقتها في سلسلة التاريخ.
ومن المفيد أن أعزز هذا النظر برأي للمفكر " هرمان دي كيسر لنج " في كتابه (البحث التحليلي لأوروبا)، حيث يقول " ومع الجرمانيين ظهرت روح خلقية سامية في العالم المسيحي ".
ولعل عبارة هذا النص يمكن أن تبدو أكثر أو أقل صدقا، إذ أن " الروح السامية" التي يعنيها، ليست في التحليل النهائي سوى الفكرة المسيحية، المتأهبة تماما للدخول في التاريخ.

نام کتاب : شروط النهضة نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست