لهم، ولا قدرة به على استجابة أحد منهم مادام في الدنيا، وإلى أن تقوم القيامة) [1].
ولما سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن عن حكم الاستغاثة بالموتى، كان مما قاله رحمه الله:
(وأما مسألة استغاثة الأحياء بالموتى في طلب الجاه والسعة والرزق والأولاد، فالجواب هذه من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، وهذا شرك في الربوبية، والألوهية، وقد كان شرك المشركين في جاهليتهم بطلب الشفاعة والقربة، وأما طلب الرزق، والأولاد وشفاء المرضى فقد أقروا بأن آلهتهم لا تقدر على ذلك كما قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} [2][3].
ويقول الشيخ أيضا في مسألة سماع الموتى:
(ومن قال إن الميت يسمع، ويستجيب، فقد كذب على الله، وكذب بالصدق إذ جاءه.. قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [4][5].ويبين الشيخ عبد الرحمن خطورة دعاء الموتى والتعلق بهم، ثم يبطله فيقول:
(إن التعلق بالأموات والالتجاء والرغبة إليهم هو أصل دين المشركين.
ويترتب على ذلك من أنواع العبادة جلها، ومعظمها، كالمحبة والدعاء، والتوكل والرجاء ونحو ذلك، وكل هذا عبادة لا يصلح منه شيء لغير الله أبدا. ولو جاز التعلق بالأموات، لجاز أن يستظهر العبد بالحفظة من الملائكة الذين هم لا يفارقونه بيقين، وهم كما وصف الله: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُون. لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [6] وهذا لا يقوله مسلم أصلا، بل لو فعله أحد لكان مشركا بالله، فإذا لم يجز ذلك في حق الملائكة الحاضرين، فإنه لا يجوز في حق أرواح أموات قد فارقت أجسادها لا يعلم مستقرها إلا الله من باب أولى، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
1 "تيسير العزيز الحميد"، ص239. [2] سورة يونس آية: 31.
3 "مجموعة الرسائل والمسائل" 2/ 36. [4] سورة الأحقاف آية: 5.
5 "مجموعة الرسائل والمسائل" 2/37. [6] سورة الأنبياء آية: 26-27.