ويوضح الشيخ حمد حكم من دعا ميتا، أو غائبا فيقول:
(من دعا ميتا أو غائبا فقال يا سيدي فلان أغثني، أو انصرني، أو ارحمني، أو اكشف عني شدتي، ونحو ذلك فهو كافر مشرك، يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء، فإن هذا هو شرك المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم لم يكونوا يقولون: إنها تخلق، وترزق وتدبر أمر من دعاها، بل كانوا يعلمون أن ذلك لله وحده كما حكاه عنهم في غير موضع في كتابه، وإنما كانوا يفعلون عندها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم من دعائها والاستغاثة بها..) [1].
ويسوق الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- إجماع العلماء في حكم من صرف الدعاء لغير الله فيقول:
(اعلم أن العلماء أجمعوا على أن من صرف شيئا من نوعي الدعاء- أي دعاء العبادة ودعاء المسألة- لغير الله فهو مشرك، ولو قال لا إله إلا الله محمد رسول الله وصلى وصام. إذ شرط الإسلام مع التلفظ بالشهادتين أن لا يعبد إلا الله، فمن أتى بالشهادتين وعبد غير الله، فما أتى بهما حقيقة وإن تلفظ بهما كاليهود الذين يقولون لا إله إلا الله وهم مشركون) [2].
ومما أورده الشيخ سليمان في شرحه للآية الكريمة وهي قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [3] - أثناء شرحه لباب (من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره) من "كتاب التوحيد"- يقول رحمه الله:
(حاصل كلام المفسرين أن الله تعالى حكم بأنه لا أضل ممن يدعو من دون الله لا دعاء عبادة، ولا دعاء مسألة، واستغاثة من هذه حاله، ومعنى الاستفهام في إنكار أن يكون الضلال كلهم أبلغ ضلالا ممن عبد غير الله ودعاه، حيث يتركون دعاء السميع المجيب القادر على تحصيل كل بغية ومرام، ويدعون من دونه من لا يستجيب
1 "مجموعة الرسائل والمسائل"، 4/596. [2] تيسير العزيز الحميد"، ص 227. وانظر: الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء في بيان أن الاستغاثة بغير الله شرك أكبر يخرج عن دين الإسلام: "تيسير العزيز الحميد"، ص 214- 236. [3] سورة الأحقاف آية: 5.