ويرد دحلان على من جعل دعاء غير الله شركا، ويسمى دحلان هذا الدعاء ندا، فيقول:
(وشبهتهم التي يتمسكون بها أنهم يزعمون أن النداء دعاء، وكل دعاء عبادة، بل الدعاء مخ العبادة.
وحاصل الرد عليهم أن النداء قد يسمى دعاء كما في قوله تعالى: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً} [1] لكنه لا يسمى عبادة، فليس كل دعاء عبادة، ولو كان كل نداء دعاء، وكل دعاء عبادة، لشمل ذلك نداء الأحياء والأموات، فيكون كل نداء ممنوعا مطلقا سواء كان للأحياء والأموات، أم للحيوانات والجمادات. وليس الأمر كذلك، وإنما النداء الذي يكون عبادة هو نداء من يعتقد ألوهيته، واستحقاقه للعبادة فيخضعون بين يديه، فالذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله تعالى، أو اعتقاد التأثير لغير الله تعالى، وأما مجرد النداء لمن لا يعتقدون ألوهيته وتأثيره، فإنه ليس عبادة ولو كان ميتا أو غائبا) [2].
ويورد السمنودي إنكار أئمة الدعوة السلفية الاستغاثة بالموتى في مقام الاعتراض والمخالفة، فيقول عنهم:
(أنكروا جواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وكذا بغيره من الأنبياء والصالحين والأولياء. بل تجاوزوا الحد فزعموا أن الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وكذا بغيره ممن ذكروا شرك أكبر ... ) [3].
ويقرر السمنودي أن حياة الموتى في قبورهم حياة حقيقية، فبعد أن ساق حديث حمل الجنازة والإسراع بها، وأنها إن كانت صالحة قالت قدموني ... الحديث، قال السمنودي بعد إيراد هذا الحديث:
(فهذا يدل على أن الميت يتكلم حقيقة بلسان المقال بحروف وأصواتٍ يخلقها الله تعالى فيه، وأسند الفعل إلى الجنازة وأراد الميت) [4].
ويجوز الطباطبائي الاستغاثة بالموتى، وأنها ليست بشرك فيقول: [1] سورة النور آية: 63.
2 "الدرر السنية"، ص 34.
3 "سعادة الدارين"، 1/151. [4] المرجع السابق، 1/ 341. ونقل السمنودي بعض ما سطره ابن جرجيس في مسألة سماع الموتى وتزاورهم وتصرفهم بعد موتهم، وزاد عليه. انظر: "سعادة الدارين"، 1/335، 336.