الشرك الأصغر؛ لأن ابن القيم بعد ما ذكر الشرك الأكبر ثم الأصغر، قال ومن أنواع الشرك، فظنه هؤلاء الجهلة أنه يقصد الشرك الأصغر، ولكن كما قال الشيخ الإمام: (وأنت رحمك الله تجد الكلام من أوله إلى آخره في الفصل الأول، والثاني صريحا لا يحتمل التأويل ... ) [1].
وحتى تكتمل صورة هذا الرد، فإننا نسوق كلام ابن القيم- كما نقله الشيخ الإمام مختصرا.
(ومن أنواع هذا الشرك سجود المريد للشيخ، ومن أنواعه التوبة للشيخ فإنها شرك عظيم، ومن أنواعه النذر لغير الله؛ والتوكل على غير الله، والعمل لغير الله والإنابة، والخضوع، والذل لغير الله، وابتغاء الرزق من عند غيره ... ومن أنواعه طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم. وهذا أصل شرك العالم. فإن الميت قد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فضلا لمن استغاث به. بل الميت محتاج إلى من يدعو له كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم إذا زرنا قبور المسلمين أن نترحم عليهم، ونسأل الله لهم العافية والمغفرة. فعكس المشركون هذا، وزاروهم زيارةَ العبادةِ وجعلوا قبورهم أوثانا تعبد، فجمعوا بين الشرك بالمعبود، وتغيير دينه ومعاداة أهل التوحيد ونسبتهم إلى تنقص الأموات، وهم قد تنقصوا الخالق بالشرك، وأولياءه المؤمنين بذمهم ومعاداتهم، وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص إذ ظنوا أنهم راضون منهم بهذا ...
وما نجا من شرك هذا الشرك الأكبر إلا من جرد التوحيد لله وعادى المشركين في الله، وتقرب بمقتهم إلى الله..) [2].
ويورد الشيخ الإمام نصا آخر لابن القيم مستدلا به على تكفير المعين:
(وقال ابن القيم في "إغاثة اللهفان" في إنكار تعظيم القبور: "وقد آل الأمر بهؤلاء المشركين إلى أن صنف بعض غلاتهم في ذلك كتابا سماه "مناسك المشاهد" ولا يخفى أن هذا مفارقة لدين الإسلام ودخول في دين عباد الأصنام" اهـ. وهذا الذي ذكره ابن القيم رجل من المصنفين يقال له ابن المفيد فقد رأيت ما قال فيه بعينه، فكيف ينكر تكفير المعين) [3].
1 "مجموعة مؤلفات الشيخ" 1/297. [2] المرجع السابق 1/296. [3] المرجع السابق 1/303. وقد أورد الشيخ الإمام في رده على أخيه سليمان نقولا كثيرة للشيخين ابن تيمية وابن القيم، في إثبات. تكفير المعين، ولم يقتصر على ذلك بل ذكر أقوال المذاهب الأربعة في تلك المسألة. وانظر: ما كتبه الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين حول تكفير المعين والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل، فلا يحكم عليه إلا بعد أن تقوم عليه الحجة، والذي لا يعذر.. (مجموعة الرسائل والمسائل 4/509- 523) .