إلى تكفيره من ذبح لغير الله من هذه الأمة، وتصريحه أن المنافقين يصير مرتدا بذلك، وهذا في المعين، إذ لا يتصور أن تحرم إلا ذبيحة المعين) [1].
ثم يقول الشيخ الإمام: (قال ابن تيمية: أنا من أعظم الناس نهيا عن أن ينسب معين إلى تكفير أو تفسيق أو معصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة وفاسقا أخرى. اهـ كلامه.
وهذه صفة كلامه في المسألة في كل موضع وقفنا عليه من كلامه، لا يذكر عدم تكفير الميت إلا ويصله بما يزيل الإشكال، أن المراد بالتوقف عن تكفيره قبل أن تبلغه الحجة، وإذا بلغته حكم عليه بما تقتضيه تلك المسألة من تكفير أو تفسيق أو معصية.
وصرح رضي الله عنه أيضا أن كلامه في غير المسائل الظاهرة، فقال في الرد على المتكلمين لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيرا، فقال: هذا إن كان في المقالات الخفية، فقد يقال أنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة، التي يكفر تاركها، لكن هذا يصدر عنهم في أمور يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ... ثم تجد كثيرا من رؤوسهم وقعوا فيها فكانوا مرتدين، وأبلغ من ذلك منهم من صنف في دين المشركين كما فعل أبو عبد الله الرازي..- يعنى الفخر الرازي- قال: وهذه ردة صريحة باتفاق المسلمين. اهـ كلامه.
فتأمل هذا، وتأمل ما فيه من تفصيل الشبهة التي يذكرها أعداء الله، لكن من يرد الله فتنته، فلن تملك له من الله شيئا) [2].
ويورد الشيخ الإمام نصا لابن القيم- رحمه الله- يؤكد فيه أن النذر للموتى، ودعاءهم شرك أكبر مخرج عن دين الإسلام. وليس كما ظنه الخصوم من أمثال سليمان بن عبد الوهاب وغيره أنه من الشرك الأصغر، وشبهتهم في ذلك أن ابن القيم رحمه الله ذكر في "شرح منازل السائرين" الشرك الأكبر، ثم ذكر الشرك الأصغر، وقال بعدها: (ومن أنواع هذا الشرك سجود المريد للشيخ، ومن أنواعه التوبة للشيخ فإنها شرك عظيم، ومن أنواعه النذر لغير الله.. وطلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم ... ) [3] فنسب هؤلاء الخصوم إلى الشيخ ابن القيم أن ما سبق هو من
1 "مجموعة مؤلفات الشيخ" 1/285،.
2 "مجموعة مؤلفات الشيخ" 1/289، 290. [3] انظر:"مدارج السالكين"، تحقيق: محمد حامد الفقي، مطبعة السنة المحمدية، 1375 هـ، 1/344.