(أن يصرف العبد نوعا أو فردا من أفراد العبادة لغير الله.. فكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع، فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه لغيره شرك وكفر) [1].
فمثلا أمر الله بالذبح له، وإخلاص ذلك لوجهه، كما هي صريحة بذلك النصوص القرآنية في الصلاة، فقد قرن الله الذبح بالصلاة في عدة مواضع من كتابه، وإذا ثبت أن الذبح لله من أجَلّ العبادات وأكبر الطاعات، فالذبح لغير الله شرك أكبر مخرج عن دائرة الإسلام[2].
وكذلك النذر عبادة، مدح الله الموفين به، وأمر النبي صلى الله ليه وسلم بالوفاء بنذر الطاعة، وأمر سبحانه بالاستغاثة به في كل شدة ومشقة، فهذه إخلاصها إيمان وتوحيد وصرفها لغير الله شرك وتنديد[3].وأما دعوى الخصوم أن مشركي العرب يعتقدون النفع والضر لأصنامهم، فنصوص القرآن الكريم ترد تلك الدعوى الخاطئة -كما ذكرنا بعضها من قبل- ويكفي من ذلك قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ. قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [4].
فهؤلاء الذين قاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم مقرون بأنه لا ينفع ولا يضر إلا الله وحده، ومقرون أن معبوداتهم -سواء كانت أصناما أو أولياء- لا تدبر ولا تخلق شيئا، وأن النفع والضر من عند الله..
وبهذا يتضح بطلان اعتقاد هؤلاء الجهال -من عباد القبور- ممن يذبح للأولياء أو ينذر لهم القرابين أو يستغيث بالموتى، ويظن أنه مسلم بمجرد اعتقاده أن الله هو المؤثر المتصرف، فإن هذه طريقة مشركي العرب سواء بسواء[5]. [1] عبد الرحمن بن ناصر السعدي، "القول السديد في مقاصد التوحيد"، مكتبة المعارف، الرياض، ص43. [2] المرجع السابق، ص42= بتصرف يسير. [3] المرجع السابق، ص47، 48. [4] سورة المؤمنون آية: 84-89. [5] انظر: للرد على اعتراضات الخصوم التي يتوصلون بها إلى الشرك ونقص التوحيد ما كتبه الشيخ الإمام في رسالته النفيسة "كشف الشبهات". وانظر: كذلك ما كتبه الدكتور صالح العبود في رسالته "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب" 2/591-602.