المبحث الثالث: شبهة أن الوهابيين أدخلوا في المكفرات ما ليس فيها
نورد في هذا المبحث ما كتبه بعض الخصوم من مخالفات واعتراضات لما قرره علماء الدعوة السلفية، فلقد خالف هؤلاء الخصوم، وادعوا أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب وأنصار دعوته قد أدخلوا في نواقض الإسلام ما ليس منها، وادعوا أيضا أن تلك المكفرات التي يؤكد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنها تخرج عن دائرة الإسلام أنها ليست في الحقيقة عندهم مكفرات، بل هي دون ذلك ...
ولو تتبعنا أقوال الخصوم في هذا المقام، لطال بنا الحديث وامتد دون حد أو حصر.. ولكن -ومن خلال التأمل في تلك الأقوال والنقول عنهم- لاحظت أن السبب الرئيس لهذا الخلاف، هو الاختلاف في حد الكفر المخرج عن دين الإسلام بين أئمة الدعوة السلفية، وبين هؤلاء الخصوم، فقد قرر أئمة الدعوة نواقض الإسلام وبينوا وميزوا حد الكفر الأكبر من الأصغر، كما جاء هذا التقرير والبيان في نصوص القرآن ونصوص السنة النبوية، وآثار السلف الصالح، أما أولئك المخالفين من الخصوم فقد خالفوا سبيل المؤمنين، فلم يدركوا حد الكفر..، ولم يعرفوا معنى الكفر المخرج من الملة، لذا فإنهم قد حصروا الكفر في حدود ضيقة جدا، فأخرجوا كثيرا من المكفرات -مما جاءت الأدلة والبراهين على إثبات أنها من المكفرات-، وجعلوها غير داخلة في نواقض الإسلام.
ولقد وقع الخصوم في اللبس والقصور لحقيقة الكفر، بسبب جهلهم بحقيقة التوحيد، فلما لم يتصوروا حقيقة التوحيد تصورا تاما، ولم يفهموا حقيقة التوحيد فهما سليما، وجهلوا بعض خصائص التوحيد، أدى بهم ذلك إلى التصور المبتور، والجهل بمعرفة ما يناقض حقيقة التوحيد، إضافة إلى أثر العوائد المألوفة والتقليد الأعمى، ومن ثم جهلوا بعض أوصاف الكفر، فوقعوا -أي الخصوم- في بعض المكفرات، وأوقعوا العامة في أدران الشرك ونجاساته[1] ثم أنكر الخصوم على من أدرك الحق في ذلك، وخالف هؤلاء الأدعياء في تصور حقيقة التوحيد، وحقيقة ما يناقضه.
إن التصور الناقص المبتور لحقيقة التوحيد عند الخصوم هو أنهم يعتقدون أن التوحيد الذي يجب على كل مكلف هو توحيد الربوبية فقط، فمن أقر بأن الله [1] سبق الإشارة إلى هذا الكلام.