ويسمع ويبصر، ويرضى ويغضب، فهذه المعاني ثابتة للرب، وهو موصوف بها، فلا ننفيها عنه بتسميتكم للموصوف بها جسما.
وإن أردتم بالجسم ما يشار إليه إشارة حسية، فقد أشار أعرف الخلق بالله تعالى بأصبعه رافعا لها إلى السماء بمشهد الجمع الأعظم مستشهدا له، لا للقبلة ... ) [1].
- إلى أن قال رحمه الله-:
(وكذلك إن أردتم بالتشبيه والتركيب هذه المعاني فنفيكم لها بهذه الألقاب المنكرة خطأ في اللفظ والمعنى، وجناية على ألفاظ الوحي، أما الخطأ اللفظي فتسميتكم الموصوف بذلك مركبا مؤلفا مشبها بغيره، وتسميتكم هذه الصفات تجسيما وتركيبا وتشبيها، فكذبتم على القرآن وعلى الرسول وعلى اللغة، ووضعتم لصفاته ألفاظا منكم بدأت وإليكم تعود، وأما خطأكم في المعنى فنفيكم وتعطيلكم لصفات كماله بواسطة هذه التسمية والألقاب فنفيتم المعنى الحق وسميتموه بالاسم المنكر.
وأشد ما جادل به أعداء الرسول من التنفير عنه هو سوء التعبير عما جاء به وضرب الأمثال القبيحة له، والتعبير عن تلك المعاني التي لا أحسن منها بألفاظ منكرة. ألقوها في مسامع المفترين المخدوعين توصلت إلى قلوبهم فنفرت عنه ... ) [2].
وللشيخ سليمان بن سحمان قصيدة شعرية في الرد على المدعو (شرف اليماني) حين رمى هذه الدعوة السلفية بالتجسيم فكان مما قاله:
فلم نؤول كما قد قاله عمها[3] ... ونتبع الجهم فيما قال وانصرفا
ولم نجسم كما قالوا بزعمهم ... بل نثبت الفوق والأوصاف والشرفا
إن المجسمة الضلال ليس لهم ... في غيهم من دليل يوجب النصفا
والله ما قال منا واحد أبدا ... بأنه كان مجسما إن ذا لجفا
بل نثبت الذات والأوصاف كاملة ... كما به الله والمعصوم قد وصفا
ولم نشبه كأهل الزيغ حين بغوا ... واستبدلوا بضياء الحق ما انغسقا4
1 "كشف غياهب الظلام"، ص 131-134- باختصار، وانظر: "الضياء الشارق" ص78- 132، وانظر: "الأسنة الحداد" ص172،173.
2 "كشف غياهب الظلام" ص134 باختصار. [3] العمه هو التحير والتردد، انظر: "مختار الصحاح للرازي ص456.
4 "ديوان ابن سحمان". ص130، وانظر: رسالة ابن سحمان "تأييد مذهب السلف" ص6. وانظر: في ديوانه بعض ردوده على تلك الفرية: رده على النبهاني ص94، رده على الزهاوى ص152، 281، رده على العجلي ص261، وغيرها.